فشل أمريكي متصاعد أمام الردع اليمني يدفع “ترومان” لتفريغ ذخائرها في المحيط الأطلسي

الحقيقة ـ جميل الحاج

في تطوّرٍ لافت يعكس تصاعد الفشل الأمريكي أمام قدرات الردع اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، نفّذت حاملة الطائرات الأمريكية “هاري إس. ترومان” عملية تفريغ ضخمة للذخائر في عرض المحيط الأطلسي، وذلك عقب عودتها من مهمة طويلة ضمن مناطق التوتر التي يغطيها الأسطولان الخامس والسادس، حيث تتمركز معظم العمليات البحرية الأمريكية المرتبطة بمراقبة وتأمين خطوط الملاحة الدولية لصالح الكيان الصهيوني.

وبحسب البحرية الأمريكية، فقد جرى خلال خمسة أَيَّـام، بين 3 و8 أغسطُس، تفريغ ما يزيد عن 1300 طن من الذخائر من الحاملة “ترومان” إلى كُـلّ من حاملة الطائرات “يو إس إس جورج بوش” وسفينة الإمدَاد “روبرت أي. بيري”، في عملية أعقبت “نشرًا تاريخيًا” للحاملة في مناطق حساسة، من بينها المياه القريبة من اليمن.

الخطوة التي جرت في المياه الدولية للمحيط الأطلسي، تأتي بعد شهور من المشاركة النشطة لـ”هاري إس. ترومان” في عمليات الانتشار الأمريكية قبالة السواحل اليمنية، بعد ضرباتٍ موجعة وجَّهتها القوات المسلحة اليمنية لحاملات وسفن عسكرية وتجارية تابعة لدول مشاركة في العدوان على غزة، أَو متورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي، ما أثبت قدرةَ اليمن على تهديد الوجود العسكري الأمريكي المباشر في البحر الأحمر وباب المندب.

رسائل الفعل الأمريكي

تفريغ كميات كبيرة من الذخائر فور العودة من مناطق العمليات يعكس، بحسب خبراء عسكريين ، حجم الاستهلاك الكبير للذخيرة خلال فترة الانتشار، إضافة إلى الضغط اللوجستي الذي تتعرض له القوات الأمريكية في ظل تزايد التهديدات البحرية اليمنية، واستمرار عمليات الاستهداف التي أظهرت محدودية فاعلية أنظمة الدفاع الأمريكية أمام تكتيكات القوات المسلحة اليمنية.

خلفية المهمة الفاشلة

منذ أواخر 2023، دفعت الولايات المتحدة الأمريكية بعدد من القطع البحرية، بينها حاملات طائرات ومدمرات، إلى البحر الأحمر وخليج عدن، في محاولة لوقف أو ردع العمليات العسكرية اليمنية والتي تستهدف مواقع حساسة للعدو داخل المدن الفلسطينية المحتلة، وتفرض حصار بحري على الكيان الصهيوني باستهداف السفن المرتبطة بـ (إسرائيل) أو المتجهة نحو موانئها.

وقد اثبت الوقائع الميدانية أن العدوان الأخير لأمريكا والكيان على اليمن عبر حاملات الطائرات الأمريكية إلى البحر الأحمر وشن المئات من الغارات الجوية لم تتمكن من تأمين تلك السفن، بل على العكس، توسعت رقعة العمليات اليمنية، وتحوّل الوجود الأمريكي نفسه إلى هدفٍ محتمل، في ظل إعلان القوات المسلحة اليمنية أن أي تورط أمريكي مباشر سيكون هدفا مشروعا لها.

أبعاد الانسحاب غير المعلن

يرى محللون أن عودة “هاري إس. ترومان” وتفريغها للذخائر بهذا الشكل قد تمثل إشارة ضمنية على إعادة تقييم أمريكي لاستراتيجية الانتشار في البحر الأحمر ومناطق الحظر اليمني، خصوصاً مع تكبد الأسطول الأمريكي تكاليف باهظة في ظل غياب أي نتائج ملموسة على الأرض لصالح حلفاء واشنطن، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني.

كما يربط بعض المراقبين هذه الخطوة بتزايد الانتقادات داخل الأوساط العسكرية الأمريكية حول جدوى الانخراط في مواجهة غير متكافئة مع قوات يمنية تمتلك خبرة ميدانية متراكمة، وتعمل ضمن استراتيجية استنزاف طويلة المدى.

 اليمن يعيد رسم قواعد الاشتباك

تؤكد التطورات أن البحر الأحمر وخليج عدن لم يعودا مناطق آمنة للقطع البحرية الأمريكية أو الحليفة للكيان الصهيوني، وأن المعادلة التي فرضتها صنعاء منذ بدء عملياتها الداعمة لغزة أصبحت واقعاً جيوسياسياً جديداً، يدفع واشنطن إلى التراجع خطوةً خطوة، بعد أن فشلت في كسر إرادة اليمنيين أو ثنيهم عن دعم القضية الفلسطينية.

ويُعد هذا التطور مؤشرًا إضافيًّا على حجم التحول في موازين القوى، حَيثُ باتت واشنطن تُعيد حساباتِها في المنطقة بعد أن أصبحت تحَرّكاتها العسكرية مكشوفة ومهدّدة في كُـلّ لحظة من قِبل محور المقاومة، وفي مقدمته اليمن، الذي أثبت أن سيادتَه على مياهه وقرارَه السياسي لم يعد رهينةً للهيمنة الأمريكية.

قد يعجبك ايضا