من اليمن إلى فلسطين.. صوت الملايين اليمنيين يتصدر المشهد

تفويض شعبي غير مسبوق: اليمنيون يبايعون المقاومة كل جمعة

ثبات يمني تاريخي يعيد الأمل للأمة في نصرة الأقصى

خاص الحقيقة ـ جميل الحاج

على مدى عامين متواصلين، يواصل الشعب اليمني خروجه في مسيرات جماهيرية مليونية أسبوعية غير مسبوقة، تعبيرًا عن موقفه الثابت في نصرة غزة والوقوف إلى جانب مظلوميتها التاريخية.

 ففي كل جمعة، تشهد أكثر من ألف ساحة في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات حشودًا جماهيرية هائلة تلبيةً لدعوة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، الذي يواكب من خلال خطاباته الأسبوعية تطورات المنطقة، والتي تعتبر منبر توثيق ووعي ومقاومة، ومنصة أسبوعية لرسم خريطة الصراع بين الأمة والعدو الصهيوني، بين محور المقاومة ومحور التواطؤ العربي الغربي.

إنها خطابات تؤرخ للجرائم، تكشف المخططات، وتضع المسؤوليات على عاتق الأمة، محذرة من أن السكوت على ما يجري في غزة ليس مجرد تقصير، بل مشاركة في جريمة العصر.

تفويض شعبي للقيادة في معركة الإسناد الجهادي

تُمثل هذه المسيرات الشعبية تفويضًا واضحًا للقيادة السياسية والثورية في خياراتها العسكرية والسياسية التصعيدية ضمن معركة الإسناد الجهادي لفلسطين. كما تحمل رسالة صريحة للعدو الصهيوني بأن العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش اليمني إنما تحظى بإجماع ودعم شعبي واسع، وللعالم الإسلامي بضرورة اتخاذ موقف عملي لنصرة القضية الفلسطينية.

لم تقتصر دلالات الحشود المليونية على الداخل اليمني، بل امتدت آثارها إلى فلسطين، حيث عبر إعلاميون وسياسيون فلسطينيون مرارًا عن تقديرهم العميق للموقف اليمني، معتبرين أن اليمن رغم بعده الجغرافي هو الأقرب إلى غزة في الموقف والقرار، وأن مسيرات اليمنيين أعادت الأمل للأمة الإسلامية في نصرة مقدساتها.

هوية إيمانية تصنع الموقف وتفشل الضغوط

يحمل الخروج الشعبي الأسبوعي في جوهره بعدًا إيمانيًا وأخلاقيًا؛ إذ يعكس تمسك اليمنيين بالهوية القرآنية التي جعلتهم يقدمون قضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، على قضاياهم الداخلية رغم ما يواجهونه من عدوان وحصار متواصل منذ عشرة أعوام، وتؤكد هذه المسيرات أن الشعب اليمني يرى في نصرة فلسطين جزءًا من التزامه الديني والأخلاقي والإنساني.

وتزامنًا مع هذا الموقف الشعبي والسياسي، صعّد العدو الأمريكي من ضغوطه على الرياض لعرقلة مسار التسوية في اليمن، في محاولة لاستخدام ملف السلام كورقة ابتزاز للضغط على صنعاء وثنيها عن موقفها الثابت تجاه غزة.

غير أن القيادة الثورية، مدعومةً بالتفاف شعبي واسع، أكدت تمسكها بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية لا مساومة عليها.

إلى جانب الحضور الجماهيري الكبير، جسّد اليمنيون حالة النفير العام عبر برامج التعبئة الشعبية التي أسفرت عن تسجيل أكثر من مليون مجند عبر دورات طوفان الأقصى، فيما تستمر العمليات العسكرية اليمنية النوعية بتفويض شعبي مطلق، ضمن معركة «الفتح الموعود والجهاد المقدس» في مواجهة الكيان الصهيوني المؤقت.. عبر أطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على مواقع للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة بشكل شبة يومي، إلى جانب العمليات البحرية وفرض الحصار البحري على الكيان الصهيوني.

صمود اليمنيين: شهادة على أصالة الأنصار وأحفادهم

الإصرار على الخروج الأسبوعي المليوني، رغم الظروف الصعبة، يُعبر عن أصالة شعب الأنصار الذين راهن عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدر الإسلام.

وهو موقف يعكس صلابة الارتباط بالقرآن الكريم الذي زوّد اليمنيين بدافع روحي ومعنوي لمواصلة التحرك نصرة للمستضعفين.

ويحظى هذا الزخم الجماهيري بدعم مباشر من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يحرص في خطاباته الأسبوعية على استعراض آخر المستجدات، وتوجيه بوصلة الشعب نحو الموقف الصحيح، ما يسهم في رفع المعنويات وتحفيز الملايين على مواصلة الخروج نصرة لغزة.

رسائل إلى العدو: كل الشعب خلف العمليات العسكرية

إن استمرار اليمنيين في الحشد المليوني أسبوعًا بعد آخر، يبعث برسائل واضحة وجلية، للشعب الفلسطيني بأن اليمن لن يتخلى عن غزة والأقصى.. وللعدو الصهيوني بأن العمليات العسكرية تستند إلى قاعدة شعبية واسعة، وللعالم العربي والإسلامي بأن اليمن يتصدر اليوم الموقف الأخلاقي والإيماني في نصرة القضية الفلسطينية.

وبهذا الأسناد العسكري والشعبي لغزة .. يكون اليمنيون قد خطّ بمواقفهم الشعبية والسياسية والعسكرية صفحات مشرقة في سجل التاريخ الحديث، مؤكدين أن فلسطين وقضيتها هي قضية إيمانية وإنسانية قبل أن تكون سياسية.

وبذلك، أصبح اليمن نموذجًا فريدًا في الثبات والصمود والتضحية، ورسالة حية للأمة جمعاء بأن النصرة ممكنة مهما كانت التحديات.

قد يعجبك ايضا