من انقسام الجيش وإعادة هيكلته إلى امتلاك الفرط صوتي.. صناعة المتغيرات
كان المسار الذي تسلكه القوات المسلحة اليمنية قبل ثورة 21 سبتمبر عام 2014م معقداً للغاية، فالمؤسسة العسكرية كانت في انحدار مستمر، وقد أدى انقسام الجيش وإعادة هيكلته لتحويله إلى ألوية ووحدات لا تستطيع الدفاع عن سيادة الوطن ووحدته.
ولا يخفى على الكثير مدى التدخل الأمريكي والبريطاني في استراتيجية القوات المسلحة اليمنية، وكيف تمكنت بين عامي من إعادة هيكلة الجيش، وفق رغبة وإرادة وتوجه أمريكا، ووفق العقيدة التي تريدها واشنطن، فغابت العقيدة القتالية عن وحدات الجيش، وأعيد بناؤه على أسس وقواعد بعيدة عن الدين والولاء لله ورسوله، وبناء على ذلك تم إضعاف اليمن بإضعاف قواته المسلحة بمختلف تشكيلاتها، وتحديداً الجوية، والبحرية، مع الاحتفاظ بالقوات البرية التي كانت أشبه بوحدات أمنية من كونها عسكرية.
كان الامتحان الصعب أمام جيش كهذا هو كيفية الدفاع عن الوطن من أي اعتداء خارجي؟ أو كيفية مواجهة العناصر والتنظيمات الإجرامية التكفيرية؟ والواقع أن الجيش لم يتمكن من حماية البلد من العدوان الخارجي، ولم يتمكن كذلك من محاربة العناصر التكفيرية، واقتصرت مهمته على خدمة النظام بشخصياته الموالية لأمريكا والسعودية.
إعادة بناء القوات المسلحة
وأمام واقع كهذا، فإن التحدي الكبير الذي واجه ثورة 21 سبتمبر 2014، هو بناء الجيش والقوات المسلحة، ومع ذلك، فقد كانت القيادة الثورية تتجه نحو هذه الخطوة المهمة، غير أن العدوان السعودي الأمريكي قد جاء في وقت محرج جداً، إذ أن البلد في ذلك الوقت كان يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري، وهذا الواقع كانت السعودية تقرأه بشكل جيد، فكان الهدف من العدوان هو القضاء على الثورة في مهدها، قبل أن تستقوي ويكون لها شأن في المستقبل.
وخلال الأشهر الأولى من القصف، لجأ العدوان إلى تدمير كل ما تبقى من مقومات ومقدرات الجيش، عن طريق القصف المركز للمعسكرات والمنشآت العسكرية والأمنية، وفق بنك معلومات استخباراتي زاخر للملكة، الأمر الذي دفع المتحدث باسم العدوان “أحمد العسيري” للخروج بتصريحات صحفية متتالية، مؤكداً أنه تم تدمير 90% من القدرات العسكرية اليمنية.
والحقيقة أن العدوان السعودي الأمريكي ما كان ليقدم على هذه الخطوة بقصف اليمن، وهو يمتلك معلومات عن وجود ترسانة عسكرية يمنية وجيش قادر على المواجهة، وإلحاق الضرر بالمملكة، فكانت المعطيات لدى العدو أن اليمن بات بلا أنياب، ولذا فإن من السهل الفتك به، وهزيمته، وإعادته إلى دائرة النفوذ من جديد، بعد أن تم تحجيم السعودية وأمريكا من بعد انتصار ثورة سبتمبر 2014م.
البناء من الصفر
لكن المعجزة في ظل هذه المتغيرات، هي النهوض بالمؤسسة العسكرية والأمنية وبناؤها من الصفر، وفي وقت قياسي جداً، وفي ذروة التصعيد والعدوان، فبدلاً من الألوية والوحدات، تم تشكيل الجيش واللجان الشعبية، والتي تولت مسؤولية الدفاع عن الوطن، ثم تم تأسيس الجيش في أقسام متعددة، وبدأ مسار التصنيع العسكري للأسلحة بخبرات وعقول يمنية نيرة، وعلى مراحل متعاقبة، حيث تم البدء من صناعة الأسلحة قصيرة المدى خلال عامي 2017 و2018م، وهي أسلحة ذات مديات قصيرة، وتشمل منظومات ،كما تم تدشين صناعة الصواريخ الذكية ومنها «بدر 1» المُطوَّر، وذلك بعد شهر فقط من الإعلان عن دخول صاروخ «بدر P-1» الذكي، الخدمة، كما أدخلت صواريخ ذكية قصيرة المدى الخدمة، مثل صواريخ المتشظّي.
وانتقلت القوات المسلحة إلى المرحلة الثانية، عن طريق صناعة الأسلحة متوسطة وطويلة المدى، ومن أبرزها:
– منظومة صواريخ قاهر 1 المعدلة من سام 2 الروسية لتصبح باليستية هجومية.
– منظومة «قاهر M2» الذي يزن رأسه الحربي 350 كيلوغراماً.
– منظومة صواريخ «بركان 1» الباليستية المُطوَّرة من «سكود بي»، والمصمَّمة رؤوسها لقصف القواعد العسكرية الضخمة، وتمّ تطويرها إلى «بركان 2»، بعدما رُفع معدّل مداها إلى أكثر من 1000 كلم، ثمّ جاءت منظومة «بركان H2» كأحد أهم الصواريخ متوسّطة المدى.
– دخول منظومة «القدس 1» الخدمة.
– صاروخ «ذو الفقار»، الذي يعمل بالوقود السائل، وهو الأبرز بعد «القدس 1».
– صاروخ «قاصم 1» الذي يتّسم بدقة عالية في ضرب الأهداف.
– تم إدخال منظومات «سعير» و«قاصم2» و«قدس2» المجنّح، وهي صواريخ يُراوح مداها بين 1700و2500 كلم.
واستحدثت وزارة الدفاع في المرحلة الثالثة «وحدة سلاح الجو المسيّر» أواخر عام 2017م، وذلك بشكل متدرج من استخدام طائرات (راصد، رقيب، وهدهد)، ثم بدأت تجربة صناعة طائرة «قاصف 1» المزوّدة بنظام ذكي لرصد الهدف، والتي تحمل رأساً حربياً زنته 30 كلغ، ودخلت الخدمة عام 2017.
إلا أن هذا النوع من المسيّرات شهد تطوّراً نوعياً وكمّياً خلال الفترة ما بين 2018 و2021م، إذ أعلنت دائرة التصنيع العسكري دخول طرازات جديدة من الطائرات المسيّرة كـ «صماد 1»، و«صماد 2»، و«صماد 3».
ولسنا هنا في سرد تفاصيل الصناعات العسكرية فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وغيرها من الألغام البحرية، فالموضوع يحتاج إلى بحث مطول.
ويؤكد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب له أن .
تأديب الأعداء
لقد توفرت عوامل كثيرة وفي مقدمتها الإرادة والثقة بالله، والتوكل عليه، حتى وصل اليمن إلى مصاف دول محدودة تمتلك أسلحة نوعية، كما هو الحال في الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، وأهمها صاروخ ، والطائرات المسيرة وأهمها طائرة ، حيث كان لهذه الأسلحة دور كبير في إسناد إخواننا المظلومين في قطاع غزة خلال معركة طوفان الأقصى، وفي تغيير خطط الأعداء الأمريكيين والإسرائيليين فيما يسمى .
ويمكن القول إن اليمن بقدراته العسكرية المذهلة و”المعجزة” التي أرعبت الأمريكيين والإسرائيليين، هو ذاته المخيف والمرعب للنظام السعودي والإماراتي الذي لم يستوعب المتغيرات بعد، ولا يزال يحتل أجزاء من الوطن، ويدعم المرتزقة وعملاء البلد، ويكابر في عدم الجنوح للسلام وتعويض ما خلفته غاراته على اليمن، ولم تعد القوات المسلحة اليمنية اليوم الحامي المقدس لليمن فحسب، وإنما تجاوزت ذلك للدفاع عن المظلومين في المنطقة، ويحسب لها الأعداء ألف حساب.
المصدر | موقع أنصار الله