11 فبراير العام 2015 م.. انكسار الهيمنة والوصاية الأمريكية

مازالت الحقائق تتوارد.. والمعلومات تتدفق حول الوصاة والهيمنة الامريكية والصهيونية التي كانت قائمة على القرار اليمني الوطني وعلى الحكومات التي تعاقبت على ادارة الشأن اليمني في فترات سابقة،

فقد كان معلوما ان السفير الامريكي هو صاحب القرار الاول في الكثير من الاجراءات الحكومية اليمنية في الفترات السابقة..
ولقد جاءت لحظة الانعتاق من هذه الهيمنة والوصاية.. برحيل المارينز الامريكيين من صنعاء في هروب مذل وانكسار واضح.. بعد ان انطلقت ثورة 21سبتمبر المجيدة مؤكدة على تحرير القرار الوطني والتأكيد على السيادة الوطنية اليمنية التي لا تقبل باية وصاية او هيمنة من أي جهة وفي المقدمة الامريكيين.. وبقدر ما مثل رحيل آخر جنود المارينز التابعين لمشاة القوات البحرية من صنعاء بداية لتحرير السيادة الوطنية من المحتل فإنه في ذات الوقت كشف مدى الجرم والتفريط بالسيادة الوطنية من حكومة ما قبل قيام ثورة الـ21 من سبتمبر.

قبل الخوض في الحديث عن التواجد غير القانوني للمارينز الأمريكي, يتساءل الكثير عن الأسباب لدخول مثل تلك القوات بأسلحتها المختلفة بشكل سري مما يبين النوايا السيئة لحكومة ما قبل ثورة 21سبتمبر في تسليم مقرات في صنعاء لجنود مشاة البحرية الأمريكية المارينز لعدد من الأهداف ومنها افشال ثورة الـ21 من سبتمبر التي فجرها الشعب اليمني لتحرير القرار الوطني والأرض اليمنية من سيطرة المحتلين أي كانوا.
وبعد أن وجد جنود المارينز انفسهم أمام واقع جديد ورفض شعبي لـتواجدهم كان يوم الـ11 من فبراير من العام 2015م هو موعد رحيلهم المذل والمخزي بعد أن قاموا بتدمير أسلحتهم المختلفة وحرق الوثائق السرية في مقر السفارة الأمريكية بصنعاء.

غضب شعبي من التفريط بالسيادة
شعرت سلطة ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر بالغضب الشعبي العارم إزاء تواجد القوات الأمريكية في عدد من المناطق المحيطة بالسفارة الأمريكية بصنعاء مما اضطر حكومة باسندوة حينها الى الاعلان بأن تواجد الأمريكيين في صنعاء هدفه حماية السفارة الأمريكية فيما الواقع يشير الى ان هناك نوايا تدميرية كانت تخطط لها تلك القوات ولهذا فانه اصبح غر مقبول ذلك التبرير الذي أعلنته السلطة ما قبل قيام ثورة الـ21 سبتمبر يعد تفريطا بالسيادة الوطنية وتسليمها للمحتل بشكل فاضح.

مقرات حصرية
أشارت مصادر مطلعة حينها أن السفارة الأمريكية قامت بنشر قواتها في عدد من المنازل والمباني المحيطة بمبناها الواقع في منطقة سعوان، وأضحت المصادر إن جنود مشاة البحرية الأمريكية اتخذوا فندق شيراتون صنعاء المطل على مبناها مقرا رئيسا وحصريا لقوات المارينز، ولعملاء جهاز الاستخبارات (سي آي إيه)، وأغلق أبوابه في وجه النزلاء المدنيين من مختلف الجنسيات.

سحب الدخان تتصاعد
في العاشر من فبراير 2015م، وهو اليوم السابق لمغادرة السفير الأمريكي ومن معه من المارينز وعناصر وضباط الـ”سي آي إيه” العاصمة صنعاء الذي تم في الـ11 من فبراير/ 2015م، شوهدت سُحب الدخان تتصاعد من الأسوار الداخلية للسفارة الأمريكية في شيراتون، اعتقد السكان القريبون أن السفارة قد تعرّضت لانفجار أو اقتحام مسلح، لكنها كانت عبارة عن عملية إتلاف للوثائق والملفات ، المعلومات وقتها أكدت أن السفارة الأمريكية في صنعاء تتخلص من ملفات ووثائق أرشيفية كبيرة لعملائها وجواسيسها، استمر الحريق حتى يوم مغادرة الطاقم والجنود والعملاء والضباط الأمريكيين في 12فبراير.
صرح وقتها مصدر لموقع العربي أن الحريق الحاصل هو عملية إتلاف والتخلص من البيانات الموجودة في أرشيف السفارة الأمريكية.
يقول موقع العربي الجديد «في الحادي عشر من فبراير 2015م ، نقلت “وسائل إعلامية ” عن مصادر سياسية وأمنية أمريكية وثيقة الاطلاع، إن وكالة الاستخبارات المركزية الـ(سي آي أي) نقلت محطتها الإقليمية في جنوب الجزيرة العربية من اليمن إلى سلطنة عمان، بسبب ما وصفته بالظروف الأمنية غير الملائمة في صنعاء، وكانت الوكالة قد أنشأت محطتها في صنعاء في أواخر عهد علي عبدالله صالح، وفقاً لاعتراف صالح نفسه في مقابلة قالها قبيل اندلاع ثورة 2011م، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نقلا عن مسؤولين أمنيين أميركيين حاليين وسابقين، أن الـ”سي آي إيه” أجلت العشرات من عناصرها في اليمن، من ضمن حوالي 200عنصر مدني وعسكري، كانوا يعملون في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء قبيل إغلاق السفارة.

تكسير السلاح
فجر الأربعاء 11فبراير 2015م، غادرت السفارة الأمريكية حوالى 40سيارة مصفحة تحمل عدداً غير معروف من الرجال والنساء، انطلقت من السفارة الأمريكية باتجاه مطار صنعاء الدولي، وغادرت في طائرة قيل وقتها أنها عُمانية باتجاه غير معلوم، المحمولون على المصفحات كانوا جنودا وعناصر استخبارات وموظفين أمنيين، كان الأمريكيون يعتقدون أنه في المطار لم يتغير شيء، وأنه بالإمكان السفر دون الإجراءات الأمنية كعادتهم في كل مطارات العالم، طلبت سلطات المطار الثورية أن يلتزم المسافرون بالقواعد الدبلوماسية المتعارف عليها، سخط الأمريكيون ومضوا من صالات المغادرة العادية، تم توقيفهم ثانيا، السلاح ممنوع عليكم تسليمه.. في تلك اللحظات قام الجنود بتكسير أسلحتهم الشخصية داخل المطار ورميها إلى الصالة، غادر الأمريكيون تحت ضغط الثورة والتزموا بكل ما عليهم التزامه.

بداية التحرر من الهيمنة
غادر المارينز الأمريكي وضباط الـ”سي آي إيه” صنعاء فجر الأربعاء الـ11″ من فبراير لأمريكا، في صورة تعكس حجم ما أنجزته ثورة 21سبتمبر من تحول تحرري، فاتحة عهدا جديدا من القرار السيادي المستقل متحررا من الهيمنة الأمريكية التي تحكم العالم وتمارس الوصاية عليه.

انتكاسة كبيرة
في الـ12″ من فبراير، وبعد يوم واحد من مغادرة الأمريكيين صنعاء، قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” وصفوا خروجهم من صنعاء بالانتكاسة الكبيرة، وأشار المسؤولون إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية سحبت عشرات من العملاء والمحللين والعاملين الآخرين من اليمن كجزء من عملية إخراج أكبر لحوالي 200أمريكي كانوا متواجدين في صنعاء، ومن بين من تم إخراجهم ضباط رفيعو المستوى عملوا عن كثب مع المخابرات والأجهزة الأمنية اليمنية لاستهداف أعداء أمريكا في المنطقة.

ترتيبات استخباراتية
المسؤولون الأمريكيون اعترفوا بأن الترتيبات الاستخباراتية الأساسية والعلاقات التي تمت إقامتها قد تضررت، فإغلاق السفارة على سبيل المثال شمل رحيل أفراد عسكريين وعناصر رئيسية من الـ”سي آي إيه” الذين عملوا في السنوات الأخيرة مع نظرائهم اليمنيين والسعوديين في مركز الوكالة الإقليمي الذي كان مقره في صنعاء لاحقا قالت الوكالة الأمريكية “سي آي إيه” إنها لم تتمكن من إنقاذ شبكة استخباراتها التي جمعتها في صنعاء، وأنها فقدت كل بياناتها ومعلوماتها.

طبيعة التواجد الأمريكي في اليمن
الاطماع الامريكية والتدخل بشكل مباشر وغير مباشر ظهرت منذ عقود من الزمن وفي هذا السياق كان تقرير صادر عن دائرة التوجيه المعنوي بتاريخ 16مارس 2021م قد تطرق الى الدور الامريكي في اذكاء نار الصراع بين شطري اليمن سابقا في العام 1972م.
وتضمن التقرير كثيرا من الأحداث والبدايات للتواجد الامريكي ومنها التواجد في عدن، والقاعدة البحرية الأمريكية بالقول وبحسب تقارير اخرى اشارت انه “تم اختيار موقع القاعدة البحرية الأمريكية في مرفأ بحري ساحلي يطل مباشرة على خليج عدن وبحر العرب المفتوح على المحيط الهندي وهي لا تبعد كثيراً عن مرفأ رأس عباس الذي كان يشغل في وقت سابق قاعدة بحرية للقوات البريطانية ثم أعقبتها قوات تابعة لحلف وارسو حتى 1989م.
ويسرد التقرير معلومات بشأن القاعدة البحرية بالقول “توجد مساحة مناسبة لتواجد بعض أنواع الطائرات الاستطلاعية والمقاتلة والقاذفة ونظراً لوجود مرفأ بحري مناسب لرسو الكثير من القطع البحرية العسكرية كما أن التعديلات والإضافات في البنية التحتية ستساعد على استقبال بعض حاملات الطائرات والغواصات”.

الخدمات اللوجيستية
وفيما يتعلق بالخدمات اللوجيستية في القاعدة، يشير التقرير إلى نص الاتفاقية بين الولايات المتحدة وحكومة الجمهورية اليمنية ووقعها من الجانب الأمريكي الجنرال انتوني زيني قائد القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط في مايو 1998م، على أن تقدم القاعدة الأمريكية البحرية في البريقة خدمات تجهيز ميناء عسكري لتزويد القطع البحرية الأمريكية بالوقود والخدمات الأخرى، ومرسى للغواصات البحرية بما فيها الغواصات العاملة بالوقود الذري وآخر للقطع البحرية الأمريكية التي تخدم حاملة الطائرات العاملة في الخليج الفارسي والمحيط الهندي، إضافة إلى مخازن الوقود والذخيرة والنفايات والأسلحة الذرية والكيماوية.

قاعدة امداد عسكرية
ويتحدث التقرير عن بعض مهام القاعدة وأهميتها بالنسبة للولايات المتحدة وانتشار قواتها في المنطقة بالقول” قاعدة إمداد عسكرية لقواتنا المتواجدة في الخليج الفارسي وبحر العرب والقرن الأفريقي والبحر الأحمر, وقاعدة جوية لتواجد بعض أنواع الطائرات الأمريكية الاستطلاعية والمقاتلات والقاذفات”.
ويشير التقرير أن من أهداف واشنطن لنشر قواتها في اماكن مختلفة من اليمن يأتي في اطار الحرص الأمريكي على التواجد العسكري في اليمن بهدف السيطرة عليه والتأثير على قراره الداخلي وسياساته الداخلية والخارجية , وأن التواجد الأمريكي سيكون بمثابة غطاء وحماية للأنشطة التي تستهدف عادات وتقاليد المجتمع اليمني ونشر الفساد الأخلاقي والمسيحية واليهودية.
وقد استمر التواجد العسكري الأمريكي حتى قيام ثورة 21سبتمبر 2014م، وكان هناك تواجد في قاعدة العند وعدن وصنعاء إضافة إلى تواجد في بعض الجزر.

ذريعة الارهاب
تتحدث الإدارات الأمريكية المتعاقبة عما يسمى بـ”الإرهاب”، اتضح للجميع أن ذلك لم يكن إلا ذريعة من أجل الهيمنة ليس على اليمن فحسب بل على بقية الشعوب وكان ذلك مبرراً لتنفيذ الحروب والعدوان على البلدان الإسلامية المختلفة وإخضاعها وليس جديداً القول أن الإرهاب صناعة أمريكية وتعمل على انتشاره وتوسعه لتنفيذ مخططاتها وهذا باعتراف المسؤولين الأمريكيين.

تنبيه مبكر بالخطورة
وكان الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه قد تنبه مبكراً لخطورة الدخول الأمريكي لليمن وعمل على صياغة مشروع يهيئ الشعب اليمني لمرحلة الرفض الكامل للهيمنة الأجنبية والوصاية الخارجية والتوجه الجاد والفعال نحو تحقيق الحرية والاستقلال.

تحرير السيادة
ولاتزال الاطماع الأمريكية مستمرة في اليمن وهذا ما تجسد خلال ثماني سنوات من العدوان والحصار وأن السعودية والامارات ليستا سوى أدوات بيد المحلتين الأمريكي والبريطاني وقد اتضحت تلك المطامع جليا من خلال الاعتراف الأمريكي بالمشاركة في العدوان على اليمن الى جانب القواعد المشتركة التي انتشرت في جزيرة سقطرى ومناطق أخرى في كل من حضرموت والمهرة.
ويرى محللون سياسيون أن أمريكا تهدف من خلال عدوانها على اليمن الى الاطماع المكشوفة في فرض السيطرة على باب المندب والجزر اليمنية في اطار سعيها لإعادة هندسة المنطقة بما يخدم المصالح الاسرائيلية في منطقة البحر الأحمر.
وتجاه هذا العدوان الغاشم والتحركات الأمريكية المستمرة حملت ثورة الـ21 من سبتمبر على عاتقها تحرير كل شبر دنسه الغزاة والمرتزقة.

الرحيل المخزي
وفي ذكرى رحيل مشاة البحرية الامريكية من صنعاء في الـ15 من فبراير من العام 2015م يحيي اليمنيون هذه الذكرى بالوقفات الشعبية والندوات الثقافية والبحثية للتأكيد على أن ثورة الـ21 من سبتمبر جاءت للتعبير عن التطلعات الشعبية في تخليص الوطن من كل اشكال الوصاية والاحتلال.

 

المصدر: 26سبتمبر

قد يعجبك ايضا