الإسناد اليمني يتعاظم.. مسيرات ومسيّرات وصواريخ فرط صوتية
في مشهدٍ بالغ الدلالة، يختزل قمة التباين بين عدالة القضية وضعف العدو، اهتز الكيان الصهيوني المحتل على صدى صفارات الإنذار المدوية. تحولت حياة مستوطنيه إلى كابوس من الفزع والهروب المحموم نحو المخابئ، بينما كانت ساحات المدن اليمنية تكتظ بملايينٍ خرجت في مسيراتٍ جماهيرية عارمة تحت شعارٍ مدوٍ: “لنصرة غزة.. بقوة الله هزمنا أمريكا وسنهزم إسرائيل”. هذا التزامن بين الرعب المستشري في قلوب الصهاينة، ومنطق القوة في الحشود الشعبية الهادرة في اليمن، يؤكد أن يمن الإيمان، ماض على عهده في اجتثاث الغدة السرطانية المزروعة في جسد الأمة.
في الوقت الذي تنقل فيه عدسات الإعلام العبري صوراً ومشاهد فيديو لمستوطنين يهربون بذعر نحو الملاجئ، ويُعلن فيه عن تعليق الرحلات الجوية إلى مطار اللد “بن غوريون” وإلغاء الفعاليات العامة خشيةً من صواريخ اليمن، كانت محافظات اليمن تشهد سيلاً بشرياً هائلاً يُعلن عن نصرة غزة والاحتفاء بالهزيمة التاريخية لأمريكا على الأراضي اليمنية. هذه المسيرات المليونية، التي ارتفعت فيها الأعلام اليمنية والفلسطينية جنباً إلى جنب في مشهدٍ يُجسد وحدة المصير، لم تكتفِ بالهتافات والشعارات المنددة بأمريكا و”إسرائيل” وعملائهما؛ بل كانت بمثابة استفتاء شعبي متجدد يُمنح القوات المسلحة اليمنية تفويضاً مطلقاً لمواصلة دعم الشعب الفلسطيني بكل السبل المتاحة، وعلى رأسها توجيه الضربات الموجعة إلى عمق الكيان الغاصب.
بيان المسيرات بارك للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقوات المسلحة، النصر المبين الذي تحقق على قوى الاستكبار العالمي، والذي فتح آفاقاً جديدة لمرحلة حاسمة من المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني. كما أكد البيان على ثبات الموقف اليمني الراسخ الداعم لغزة والمقاومة الفلسطينية، مُثنياً على العمليات البطولية التي تستهدف العدوين الأمريكي والصهيوني، وفي مقدمتها استهداف مطار اللد الذي أحدث شللاً وإرباكاً واضحاً في حركة الطيران، وهو ما اعترفت به وسائل إعلام العدو نفسها.
إن حالة الهلع غير المسبوقة التي يعيشها الكيان الإسرائيلي اليوم، والتي عبّر عنها عضو “كنيست” العدو المجرم “أفيغدور ليبرمان” بمرارة قائلاً إن “هروب ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ بعد مرور عام وسبعة أشهر على الحرب أمر لا يصدق”، تُظهر بجلاء أن الكيان، الذي طالما تفاخر بقوته ومنظوماته الدفاعية المتطورة، بات عاجزاً عن توفير أدنى مستويات الأمن لمستوطنيه أمام الصواريخ القادمة من اليمن.
وفي المقابل، فإن الزخم الجماهيري الهائل في اليمن، والذي يُعلن عن الاستعداد لتقديم أغلى التضحيات نصرةً لغزة، يُعطي دفعة معنوية هائلة للمقاومة الفلسطينية الباسلة ويُرسل رسالة قوية إلى الكيان الغاصب وحلفائه: أنتم تواجهون شعباً أبياً لا يخشى الموت ويدرك تماماً أن كلفة المواجهة مع الأعداء مهما كانت جسيمة، فإن ثمن الاستسلام أكبر وأخطر.
إن هذا المشهد المتزامن بين الرعب المستشري في “إسرائيل” والزخم الشعبي المتصاعد في اليمن، يُعيد صياغة معادلات الصراع في المنطقة برمتها. فاليمن، الذي أسقط أسطورة القوة الأمريكية الزائفة، يُثبت اليوم أنه قادر بعون الله على زلزلة الكيان الصهيوني ودكّ عروش المتغطرسين. وصواريخه تفرض نفسها كصوتٍ مدوٍ يعبر عن إرادة شعبٍ حرّ أبيّ يُؤمن بأن نصرة المظلومين هي أقصر الطرق إلى عزة الأمة وكرامتها.
زلازل تعيد رسم خارطة الصراع
يتجاوز المشهد الحالي في الداخل الإسرائيلي كونه مجرد خبر عن إطلاق صاروخ؛ ليتحول إلى زلزال حقيقي يُعيد رسم خرائط الصراع مع العدو ويُعرّي الهشاشة العميقة للكيان المؤقت أمام إرادة الشعوب الحرة. فبعد أيام قليلة من الغارات الإسرائيلية اليائسة والمحبطة على مطار صنعاء المدني، والتي هدفت لتدمير مقدرات اليمن، خرج الشعب اليمني ليؤكد مضيه نحو مواجهة العدو حتى إيقاف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.
إذاعة جيش العدو أكدت أن أي صاروخ من هذا النوع يطلق على “إسرائيل” سيصبح مشكلة إسرائيلية فقط بعد قرار الرئيس الأمريكي.. مضيفة أن “إسرائيل” تجد نفسها وحيدة في مواجهة التهديد “الحوثي”. وأضاف مراسل إذاعة “جيش” العدو: “إسرائيل” تواجه واقعاً جديداً، حيث أصبحت وحيدة بمواجهة اليمن.. أي صاروخ يمني تجاه “إسرائيل” بات مشكلة إسرائيلية فقط، وذلك بعد اتفاق ترامب مع الحوثيين على وقف القصف الأمريكي مقابل وقف استهداف السفن الأمريكية.
وأكدت القناة 14 العبرية أنه وللمرة الثانية يفشل نظام “ثاد” الأمريكي في اعتراض الصاروخ اليمني
وأعلنت شركة الطيران الالمانية “لوفتهانزا” والخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى 18 مايو في أعقاب إطلاق صاروخ جديد من اليمن باتجاه مطار “بن غوريون” وسط فلسطين المحتلة. فيما أكدت القناة 12 العبرية أن الخطوط الجوية الهندية “إير إنديا” ألغت رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى 25 مايو الجاري.
مواقع الملاحة الجوية أظهرت إرباكاً واضحاً وشللاً في حركة الطيران المتجهة إلى مطار اللد “بن غوريون”، لتعلن الخطوط الجوية السويسرية عن تمديد تعليق رحلاتها إلى “تل أبيب” حتى الثامن عشر من مايو الجاري، لتلحق بذلك بشركة لوفتهانزا الألمانية التي اتخذت قراراً مماثلاً. هذا الشلل الواضح في الحركة الجوية يُؤكد نجاح الاستراتيجية اليمنية في فرض حصار جوي جزئي على الكيان، وهو ما كان يخشاه قادته ومسؤولوه.
إن حالة الهلع التي أصابت مرتادي الشواطئ في المدن المحتلة بعد انطلاق صفارات الإنذار، والتي وثقتها الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة، تُجسد الرعب الحقيقي الذي يعيشه المستوطنون في ظل التصاعد المطرد لقدرات الجيش اليمني. فبعد أن كانوا ينعمون بأشعة الشمس الدافئة على شواطئ فلسطين المحتلة، باتوا يركضون مذعورين نحو الملاجئ خوفاً من صواريخ اليمن.
هذا التصعيد اليمني النوعي يأتي في سياق أوسع من الدعم الثابت والمبدئي لقضية فلسطين ومأساة غزة الإنسانية. فبينما يتواطأ العالم على صمتٍ مخزٍ تجاه جرائم الكيان المتغطرس بحق الشعب الفلسطيني، يبرز اليمن بقيادته الشجاعة وشعبه الأبي ليُعلن وقوفه الصريح والجريء إلى جانب الحق الفلسطيني.
إن التضحية هي ثمن الحرية والكرامة، و الشعب اليمني الأبي، الذي يخرج بالملايين إلى الساحات دعماً ونصرةً لفلسطين، لن يتراجع ولن يستسلم. فاليمن، بثقته العميقة بالله وتوكله الكامل عليه، يُنفذ أوامر الله عز وجل في قتال الظالمين، ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
المصدر: موقع أنصار الله