نص كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات والذكرى الثانية لطوفان الأقصى الخميس 17 ربيع الآخر 1447هـ 9أكتوبر2025م

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبِين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَـــــا الإِخْــــــوَةُ وَالأَخَــــــوَات:

السَّـــــلامُ عَلَيْكُــمْ وَرَحْمَــــةُ اللَّهِ وَبَــرَكَاتُــهُ؛؛؛

في أبرز تطورات الأسبوع في العدوان الإسرائيلي، الهمجي، الإجرامي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، نتحدث عن ثلاثة عناوين:

  • الأول: عن اكتمال عامين كاملين من العدوان الشامل، والإبادة الجماعية، الَّتي يرتكبها العدو الإسرائيلي في جريمة القرن، ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.
  • والثاني: عن الذكرى السنوية لعملية طوفان الأقصى.
  • والثالث: عن الاتِّفاق المعلن البارحة لوقف إطلاق النار، وإنهاء العدوان على قطاع غزَّة.
  • فيما يتعلَّق بالعنوان الأول: اكتمال عامين على العدوان الإسرائيلي، والدخول في العام الثالث:

في عدوانٍ هو الأكثر دمويةً، وإجراماً، وطغياناً في هذا العصر، وعلى مسار العدوان الإسرائيلي، والاحتلال الإسرائيلي، والظلم الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، منذ بداية الاحتلال إلى اليوم؛ لأن العدو الإسرائيلي هو في حالة عدوانٍ مستمر منذ بداية احتلاله لفلسطين وإلى اليوم.

عامـــان مـن الإبـــادة الجماعيـــة:

  • بالقتل الجماعي:

بأفتك وسائل القتل، وبكل أنواعها، من القنابل الأمريكية المدمِّرة والحارقة، إلى زخَّات الرصاص، الَّتي يطلقها العدو الإسرائيلي، أحياناً بشكلٍ عشوائي، وأحياناً بالقناصة حتَّى للأطفال، والاستهداف لهم بإطلاق النار على كل مناطق القتل: على قلوبهم، وعلى رؤوسهم، في استهدافٍ متعمَّد، وكذلك هو الحال في الاستهداف للنساء، في الاستهداف للمدنيين بشكلٍ عام، بكل وسائل القتل والإبادة.

  • وكذلك بالتجويع:

التجويع الشامل، الذي وصل إلى درجة أن يكون حليب الأطفال، على رأس قائمة الممنوعات على الشعب الفلسطيني، وعلى أطفاله.

  • وبالتعطيش:

وهو مسارٌ إجراميٌ في غاية الوحشية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني:

  • دمَّر العدو الإسرائيلي آبار المياه.
  • دمَّر شبكة الصرف الصحي.
  • يستهدف الذين يسعون للحصول على الماء بشق الأنفس، ويعملون على جلبه لأسرهم، وحتَّى الأطفال منهم يستهدفهم بالقتل، حتَّى حوَّل مسألة الحصول على شربة الماء، إلى مسألة معقَّدة ومحفوفة بالمخاطر.
  • وبمنع الدواء، وتدمير المستشفيات، وقتل الكادر الطبي:

والعدو الإسرائيلي جعل من أبرز أهدافه في عدوانه على قطاع غزَّة: الاستهداف للمستشفيات، وجعل عدداً من عملياته العسكرية مركَّزةً على المستشفيات، وارتكب فيها أبشع الجرائم، بما في ذلك:

  • الاستهداف للأطفال الرُّضَّع، والأطفال الخُدَّج، وهم في الحضَّانات في المستشفيات.
  • القتل للمرضى.
  • الاستهداف لكل مقومات المجال الطبي؛ وبهدف إبادة الشعب الفلسطيني، وحرمانه من أيِّ رعاية طبِّيَّة تحافظ على حياة الناس، أو تقدِّم لهم المساعدة في وضعهم الطِّبِّي.
  • العدو الإسرائيلي- في هذا السياق نفسه– مارس التدمير الشامل لقطاع غزَّة، في شماله، في وسطه، في جنوبه، في مدينة غزَّة، وسعى لإنهاء أحياء كاملة، ومربَّعات سكنية كبيرة، استخدم لذلك:
  • الغارات الجوِّيَّة.
  • والأحزمة النارية.
  • والعربات المفخخة.
  • والنسفيات… وكل الوسائل.
  • وجلب مقاوليه من الصهاينة؛ ليكونوا عاملين في هذا الاتِّجاه مع جيشه المجرم، وعصاباته الإجرامية.
  • العدو الإسرائيلي استخدم التهجير القسري، منذ اليوم الأول لعدوانه، في هذه الجولة الَّتي لها عامين كاملين:

العدو الإسرائيلي جعل التهجير القسري هدفاً من أهدافه العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، ومنع أي حالة استقرار للشعب الفلسطيني، تهجير مستمر من مربَّع إلى آخر، من منطقةٍ إلى أخرى، مناطق يعلنها [آمنة]، ثم يستهدف النازحين فيها… وهكذا، وينتقل بهم من مربَّع إلى آخر، من منطقة إلى أخرى، دون أي استقرار، واستمر ذلك كل هذه المُدَّة الزمنية: لعامين كاملين، لا يدع للشعب الفلسطيني أيّ حالة استقرار أبداً.

  • قتل العدو الإسرائيلي وجرح وبشراكةٍ أمريكية- كل ما عمله هو بشراكة أمريكية– ما نسبته 11% من أهالي قطاع غزَّة، من الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود:

هذه هي أعلى نسبة في هذا العصر؛ ولذلك هذا الإجرام الرهيب جــدًّا يستحق أن يوصَّف بأنه: (جريمة العصر، وجريمة القرن)؛ لأن هذه النسبة من: القتل، والجرح، والاستهداف لهذه النسبة من السكان، في منطقة معيَّنة، ليس لها مثيل في هذه المرحلة وفي هذا القرن في أيٍّ من أنحاء الدنيا.

والحصيلـة بحسـب الإحصائيـــات:

  • أكثر من (سبعةٍ وستين ألف شهيد)، ما يقارب نصفهم من الأطفال والنساء، نسبة عالية جــدًّا، كما قلنا: في نطاقٍ جغرافيٍ محدود.
  • أكثر من (عشرة آلاف مفقود)، الكثير منهم تحت الأنقاض، وتحت الركام الهائل جــدًّا للمربَّعات السكنية، والأحياء السكنية.
  • وكذلك أكثر من (مائة وتسعة وستين ألف جريح)، منهم أكثر من (تسعة عشر ألف جريح) في مصائد الموت، الَّتي نصبها الأمريكي والإسرائيلي مع التجويع؛ لتكون وسيلةً من وسائل الاستهداف بالقتل والإبادة للشعب الفلسطيني.
  • العدو الإسرائيلي في هذا العدوان استهدف كل شيء في قطاع غزَّة:
  • استهدف أيضاً المساجد في قطاع غزَّة: أكثر من (ألف مسجد) في قطاع غزَّة استهدفها العدو الإسرائيلي، ودمَّرها ما بين تدميرٍ كليٍ وجزئي.
  • استهدف المدارس بشكلٍ واسع، والقطاع التعليمي: بنسبة 95% من قطاع التعليم تعرَّض لأضرار جسيمة، وتوقَّف التعليم بشكلٍ شبه تام.
  • استهدف حتَّى المقابر في قطاع غزَّة: أكثر من (أربعين مقبرة).
  • سرق الجثامين: أكثر من (ألفين جثمان) سرقها.
  • استهداف للإعلاميين بشكلٍ واسع: وهناك الكثير من الشهداء منهم.
  • استهداف للعاملين في المجال الإنساني، والدفاع المدني.
  • استهدف الكبار والصغار، والأطفال والنساء: استهدف الجميع في قطاع غزَّة بكل وحشيَّة وإجرام لا مثيل له، ونُقلت المشاهد لكل أصناف الجرائم الَّتي ارتكبها العدو الإسرائيلي، ومنها جرائم بشعة للغاية، مثل: إرسال الكلاب البوليسية على المُسِنِّين، على المرضى؛ لنهش لحمهم وهم على قيد الحياة… وغير ذلك من الممارسات الوحشية جــدًّا، قتل الأطفال بمرأى من أسرهم وأهليهم… وأنواع من الجرائم.
  • ومع ذلك أيضاً ما يمارسه ضد المختطفين والأسرى:
    • من التعذيب، الذي أدَّى إلى كثيرٍ من حالات الاستشهاد نتيجةً لذلك التعذيب.
    • من الانتهاك للكرامة، والمس بالكرامة.
    • من جرائم الاغتصاب…

كل أشكال الجرائم، والاعتداءات، والانتهاكات، الَّتي هي جرائم بالإجماع البشري، سواءً بالاعتبار الشرعي، واعتبار القيم الدينية والإلهية، أو بالقوانين الدولية، والمواثيق الدولية، والأعراف الإنسانية، ارتكب العدو الإسرائيلي كل ذلك، وبشكلٍ بشعٍ جــدًّا.

  • فيمـــا يتعلَّــق بالذكـرى السنويــة الثانيــة لعمليــة طوفـــان الأقصـى:

العملية المهمة والعظيمة والمباركة في السابع من أكتوبر، هي محطة فارقة، ونقلة مهمة جــدًّا، وكبيرة، وعظيمة، في جهاد الشعب الفلسطيني، وفي إطار الحق المشروع للشعب الفلسطيني في جهاده ضد العدو الإسرائيلي، المغتصب، المحتل، القاتل، المرتكب للجرائم على مدى كل هذه العقود، منذ بداية احتلاله لفلسطين المحتلَّة، بل ما قبل تمكُّنه من الاحتلال، حتَّى في بداية تشكيل العصابات الصهيونية الإجرامية، الَّتي ارتكبت أبشع الجرائم من يومها الأول.

  • المسار الصهيوني (الأمريكي، والإسرائيلي) ما قبل عملية طوفان الأقصى كان مسار تصفية للقضية الفلسطينية:

فلعملية طوفان الأقصى لها سياقها، لم تأتِ هكذا: عملية ابتدأ بها الشعب الفلسطيني ومجاهدوه الصراع مع العدو الإسرائيلي، أو فتح مشكلة جديدة مع العدو الإسرائيلي، لها سياق يتمثَّل بخمسة وسبعين عاماً من الإجرام الصهيوني اليهودي، المستهدف للشعب الفلسطيني بكل أصناف الجرائم:

  • من قتل، واختطاف.
  • من انتهاك للحرمة والكرامة.
  • من مصادرة للحُرِّيَّة.
  • من اغتصابٍ للأرض.
  • من استهدافٍ للمقدَّسات.
  • من امتهانٍ وظلمٍ يومي.

الوجود الإسرائيلي بكله في فلسطين، هو عدوان، هو إجرام، هو اضطهاد، هو احتلال، هو اغتصاب، هو مصادرة للحقوق، هو اضطهاد يومي للشعب الفلسطيني، بكل أشكال الاضطهاد، وبكل أنواع العذابات ضد الشعب الفلسطيني، فلها هذا السياق.

وأيضاً تصاعدت مساعي الأعداء في الآونة الأخيرة، ما قبل عملية طوفان الأقصى؛ لتصفية القضية الفلسطينية، يعتبرون أنَّه طال عليهم الأمد، كان هدفهم منذ البداية حسم مسألة السيطرة التَّامَّة على فلسطين، والانتقال إلى ما بعد فلسطين في إطار المخطَّط الصهيوني، وصولاً إلى تنفيذ مشروعهم ومخطَّطهم العدواني، والإجرامي، والباطل، والظالم، في إنشاء ما يسمُّونه بـ [إسرائيل الكبرى]، وتحقيق هدفهم في عنوانهم الذي يرددونه علناً بكل وضوح: [تغيير] ما يسمُّونه بـ [الشرق الأوسط]، وكل هذه العنـــاوين تعني:

  • المصادرة الكاملة لحقوق شعوبنا، لكرامة شعوبنا، لاستقلال شعوبنا.
  • تعني: فرض السيطرة الإسرائيلية والصهيونية على منطقتنا، بكل منطقتنا، بكل شعوبها، بكل بلدانها.
  • تعني: أن تتحوَّل هذه المنطقة بكل ما فيها في إطار خدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
  • وأن تتحوَّل هذه الشعوب إلى شعوب مستعبدة، خانعة، مسلوبة الحُرِّيَّة، مسلوبة الكرامة، مطموسة الهوية، تنفك وتفارق انتماءها في مبادئها وقيمها الدينية، بل تخسر حتَّى كرامتها الإنسانية، وقيمتها الإنسانية، وحقوقها الإنسانية المشروعة بالإجماع العالمي.
  • يتحوَّل وضع هذه المنطقة بكل ثرواتها، بكل موقعها الجغرافي المهم جــدًّا، بكل ما فيها من مقوِّمات مهمة جــدًّا لمصلحة العدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي، وفي إطار الأهداف الكبرى للمخطَّط الصهيوني، الَّتي لها أيضاً أهداف بعيدة عالمية؛ إنما تجعل من منطقتنا مرتكزاً لها فيما تخطَّط له، وتسعى للوصول إليه، مما هو معروف في إطار المخطَّط الصهيوني، ومعلنٌ عنه.

لها هذا السياق: سياق أنَّ العدو الإسرائيلي، بشراكة أمريكية ودعمٍ غربي، كان في وتيرة عملٍ مكثَّفةٍ جــدًّا، وفي مخطَّطات واسعة؛ لتصفية القضية الفلسطينية بشكلٍ نهائي، والأخطر في ذلك: أنَّ ذلك كان بمساعٍ أيضاً لإشراك أنظمة عربية في ذلك، وفي هذا السياق: أتى آنذاك عنوان [صفقة القرن]، أتى به (ترامب)، ما قبله وما بعده عنوان: [تغيير الشرق الأوسط]، الذي يكرر الأمريكي والإسرائيلي الحديث عنه، ويعملون فعلياً بكل الوسائل في إطار هذا العنوان، يعملون لتنفيذه معاً (الأمريكي، والإسرائيلي)، ويحاولون أن يجنِّدوا معهم من الأنظمة في المنطقة من يتجنَّد، من يتجنَّد حتَّى ضد شعوبه، شعوب أمته، ضد هذه الأُمَّة، ضد هذه المنطقة.

عنوان [التطبيع] لم يكن يعني مجرَّد الخيانة لهذه الأُمَّة في العلاقة مع العدو الإسرائيلي، علاقة على كل المستويات، والدخول في اتِّفاقيات، يعاونونها بـ [السلام]، وباطنها الاستسلام والتسليم بالسيطرة الإسرائيلية؛ ولـذلك كانت تتضمَّن التزامات، التزامات من طرف واحد، هو الطرف العربي، الأنظمة العربية، التزامات هي ذات تمهيد لتمكين العدو الإسرائيلي من السيطرة الشاملة على هذه المنطقة.

مثلاً: في مقدِّمة تلك الالتزامات الواضحة في هذا السياق، وفي هذا المسار الذي تحرَّكوا فيه:

  • أولها: القبول بتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية، والتفريط بها:

وهذه قضية أساسية، وتجلَّت- فعلاً- في مواقف بعض الأنظمة العربية على مدى عامين، وصل الحال إلى أنهم لم يقطعوا حتَّى العلاقة الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي، مع أنَّ هناك أنظمة غير إسلامية، بدافع الضمير الإنساني، قطعت علاقتها الدبلوماسية مع العدو الإسرائيلي؛ تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وأيضاً من باب الجانب الأخلاقي، والضمير الإنساني.

من المعيب تستمر دولة تحترم نفسها، وتعتبر نفسها ذات قيم، ذات مبادئ، حتَّى إنسانية، حتَّى بالمستوى الإنساني، ثم تقبل بعلاقة مع كيان مجرم، مغتصب، عصابات دموية، إجرامية، ظالمة، بمثل ما هو العدو الإسرائيلي في مستوى إجرامه، ووحشيته، وطغيانه.

فكان في مقدِّمة ما يعملون له، وهو الهدف الأساس، ومعه أيضاً التوسُّع على مستوى المنطقة، هو: القبول بتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية والتفريط بها، وهذا يعني كارثة كبيرة في واقع الأُمَّة؛ لأنه يعني التفريط بقضية لها أولاً: اعتبارها الديني، قضية مقدَّسة، قضية ذات جذور دينية، قضية مرتبطة بالدين، المسجد الأقصى، المقدَّسات في فلسطين، وحتَّى فيما يتعلَّق بالشعب الفلسطيني، حتَّى فيما يتعلَّق بفلسطين كجغرافيا من بلاد الإسلام، هناك التزامات إنسانية، التزامات دينية وأخلاقية، التزامات حتَّى بمعيار المصالح القومية لهذه الأُمَّة تتعلَّق بفلسطين، تتعلق بهذه القضية.

فلذلك القبول بالتفريط بها، والتصفية لها لصالح العدو الإسرائيلي، معناه: ظلم كبير جــدًّا للشعب الفلسطيني، لشعب كامل من هذه الأُمَّة، منتهى الظلم، مصادرة حقوقه بالكامل، معناه: التفريط بالمقدَّسات في موقعها المهم من الدين، من الدين الإسلامي، من دين هذه الأُمَّة، من كرامة هذه الأُمَّة، من شرف هذه الأُمَّة، من عِزَّة هذه الأُمَّة، ومعناه أيضاً التفريط بالالتزامات هذه، الَّتي هي التزامات إيمانية، إنسانية، أخلاقية، قيمية، وكل هذا لمصلحة مَنْ؟ لمصلحة عدوٍ مجرمٍ، سيءٍ، ظالمٍ، هو المستفيد من ذلك، والأُمَّة هي الخاسرة في مقابل ذلك، فكانت صفقة خسران لكل الأنظمة العربية، في منتهى الخسران، خسران للدين، وخسران بكل الاعتبارات: خسران للكرامة، للاستقلال، للحُرِّيَّة، للشرف، للضمير… خسران لكل شيء، بكل المعايير هي خسارة رهيبة جــدًّا.

كان من ضمن تلك الالتزامات، وبدأ التحرك فيها على الفور من جهة الأنظمة الَّتي دخلت في ذلك المسار:

  • تغيير المناهج الدراسية الرسمية العربية، بما يضمن تربية الجيل الناشئ، والشباب والشابات من أبناء هذه الأُمَّة، على الولاء للعدو الإسرائيلي، والتعظيم له، والقبول بسيطرته:

وهذه كارثة كبرى، وكان هذا- ولا يزال- من أكبر وأخطر وأسوأ المسارات الَّتي يعمل عليها الأمريكي والإسرائيلي معاً، وبدعمٍ غربي، لفرضها على بلداننا، على شعوبنا، من خلال الجهات الرسمية والأنظمة والحكومات؛ لأن هذا استهداف للهوية، للثقافة، للفكر، احتلال للعقول، احتلال للقلوب، احتلال في تغيير الولاءات، واحتلال حتَّى في توجيه العداوات في اتِّجاهٍ آخر، يخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي.

وهناك أعمال غريبة جــدًّا حدثت في هذا المسار، تحاول- فعلاً- تقديم العدو الإسرائيلي بصورة تُحبِّبه حتَّى إلى الجيل، حتَّى في المناهج الابتدائية، حصل في بعض البلدان العربية أنَّه حتَّى في المناهج الابتدائية، يعني: يربُّون الطفل حتَّى من مرحلة الطفولة على النظرة الإيجابية للعدو الإسرائيلي، على التعظيم لليهود الصهاينة، على نظرة الانبهار بهم، التعظيم لهم، التهيئة النفسية والذهنية والفكرية والثقافية للقبول بسيطرتهم، وحتَّى التعظيم لهم، وحتَّى التعظيم لهم، وهذا مسار يعملون عليه.

  • ومعه أيضاً مسار الخطاب الديني:

تقديم حتَّى ما هو محسوبٌ على الدين، وصلت المسألة- في هذا السياق نفسه- إلى إزاحة آيات من كتاب الله من المناهج الدراسية، يزيحونها، آية قرآنية في المنهج الدراسي يزيحونها؛ لأن وجودها في المنهج الدراسي لا يرضي اليهود، يسيء لليهود الصهاينة، الذين لا يقبلون بذلك، يطلبون إزاحتها فتزاح، أن يصل الحال إلى أن يسقط احترام القرآن الكريم أقدس المقدَّسات لدى المسلمين، هذا يكشف مدى فعلاً التهور، والخيانة العظمى، والاتِّجاه المنحرف للغاية في ذلك المسار؛ لأنه حتَّى على حساب القرآن الكريم، وفي بعض الحالات: محاولة التحريف لمفاهيم ومعاني الآيات القرآنية تحت هذا العنوان، وهكذا عملوا فيما يتعلَّق بالخطاب الديني في المساجد.

  • عملوا فيما يتعلَّق بالإعلام:

أن يتغيَّر اتِّجاه الإعلام إلى اتِّجاه يُحَبِّب العدو الإسرائيلي لهذه الشعوب، يقدِّمه كصاحب حق في أن يكون موجوداً في إطار احتلاله لفلسطين، وأن تقبل به هذه الشعوب، وأن تدخل معه في علاقات على كل المستويات، وأن تنظر لاحتلاله وسيطرته على فلسطين كحالة طبيعية…وإلخ.

وفي المقابل، هجمة إعلامية مكثَّفة في الإساءة المستمرة للشعب الفلسطيني، وهذا شاهدناه وسمعناه، في وسائل إعلام لأنظمة عربية اتَّجهت هذا الاتِّجاه، كانت لا تنفك عن هجماتها المسيئة جــدًّا إلى الشعب الفلسطيني، وإلى مجاهديه، إلى فصائله الحُرَّة والمجاهدة، المتمسِّكة بحقوق الشعب الفلسطيني.

وحدثت- في هذا السياق أيضاً– زيارات، فتح للمجال السياحي، فتح للأجواء… أشياء كثيرة حصلت في إطار هذا السياق.

  • كذلك اتَّجهوا- وكان مساراً ولا يزال مساراً خطيراً جــدًّا فيما يتعلَّق بالاقتصاد– إلى ربط الاقتصاد العربي بالعدو الإسرائيلي؛ ليتمحور حوله، وليكون هو المسيطر والمتحكِّم في الاقتصاد في المنطقة بشكلٍ عام:

وبدأت الهندسة لذلك؛ إنما عندما أتت عملية طوفان الأقصى أخَّرت كل ذلك المسار.

مــن ضمــن مــا في هــذا المســـار هــو:

  • تحويل ميناء حيفا إلى ميناء للمنطقة بكلها، ترتبط به كل دول المنطقة، وفي مقدِّمتها: دول الخليج، ثم مسألة التصدير والاستيراد تأتي عبره، وهذا ربط كامل لاقتصاد المنطقة بالعدو الإسرائيلي؛ ليكون متحكِّماً فيه بشكلٍ كامل، في الحركة التجارية بكلها، بما فيها الاستيراد، وبما فيها التصدير.
  • أيضاً كان العدو الإسرائيلي يريد أن يشق قناة بديلةً عن قناة السويس، يسمِّيها [قناة بن غوريون]، وتأتي أيضاً في هذا السياق.
  • كذلك ربط حتَّى الاتصالات والانترنت للمنطقة العربية بكلها بالعدو الإسرائيلي، وأن تكون عبره، وأن ترتبط المنطقة بكلها به، كل هذه المسارات لا يزال العمل جارياً عليها؛ إنما– كما قلنا- عندما أتت عملية طوفان الأقصى، أسهمت في تأخير كل هذه الخطوات، وإعاقة كل هذه الخطوات.

العدو الإسرائيلي أراد أن يتحكَّم بكل شيء فيما يتعلَّق بهذه الأُمَّة:

  • بالميـــاه: الآن هو متحكِّم في المياه على الشعب الفلسطيني، ويريد أن يتحكَّم بها على الشعب اللبناني، وتحكَّم فعلياً على الشعب الأردني، وبات الآن يتحكَّم إلى حدٍ كبير وبنسبة عالية على الشعب السوري؛ ويريد أن يستكمل مستوى سيطرته وتحكُّمه، وصولاً- في نهاية المطاف- إلى نهر النيل، ويتحكَّم على تلك البلدان، وصولاً إلى نهر الفرات، ويتحكَّم على العراق… إلى غير ذلك، يريد أن يسيطر على كل مقومات الحياة لهذه الشعوب في المنطقة، ثم يجعل من تحكُّمه بها وسيلةً لإذلال وإخضاع واستعباد شعوب هذه الأُمَّة، يتحكَّم في المياه.
  • يتحكَّم في الاقتصاد: الاقتصاد بكل ما له من أهمية في هذه المنطقة، في العالم بكله.
  • كذلك فيما يتعلَّق بالقبول بالنهب والاستباحة للثروات: أن يكون للعدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي الأولوية في كل ما هو مهم في ثروات هذه المنطقة: الثروات الغازية، الثروات النفطية، الثروات الكبرى، تتحوَّل تحت سيطرته، ولمصلحته، وفي إطار نفوذه، ولما يخدمه، مع القبول بالسياسات الَّتي يمليها الأمريكي والإسرائيلي معاً؛ للوصول بهذه الأُمَّة في وضعها الاقتصادي إلى نقطة الصفر: ألَّا تكون أمةً منتجة، أن تكون مجرَّد سوق استهلاكية، ألَّا تمتلك أي قدرات ولا اكتفاء ذاتي في أي مجال مهم في الوضع الاقتصادي… إلى غير ذلك.

في قصة الاتصالات، من العجيب جــدًّا فتح المجال للعدو الإسرائيلي للتغلغل فيما هو قائم في الاتصالات في البلدان نفسها، حتَّى في بعض بلدان دول الخليج، فتحوا المجال من أجل خدمات لبرامج التَّجَسُّس، وهو يتجسَّس عليهم في نفس الوقت! هو يستفيد من ذلك للتجسس عليهم هم، لتثبيت تغلغله في المجال التقني، وفي مجال الاتصالات… وغير ذلك، فتحوا له الأجواء… وغير ذلك.

  • في إطار ذلك المسار نفسه: فتح المجال بشكل كامل للتمييع، والإفساد، وطمس الهوية لشعوبنا، وتدمير الروح المعنوية، وتفريغ شباب وشابات أُمَّتنا من المحتوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي، والديني، وصولاً إلى تطويع هذه الشعوب لليهود؛ لتكون مطيعةً لهم، ولتحويل الذخيرة والرصيد الكبير لشعوب أُمَّتنا، والعماد الكبير لها (الشباب)، هذه الثروة البشرية الكبيرة، المهمة، العظيمة، إلى غير ذات جدوى، إلى وضعٍ وواقع ليس لهم فيه أي جدوى ولا أهمية لشعوبهم، يريد أن يحوِّل شباب وشابات هذه الأُمَّة إلى راقصين، إلى سَكْرَى، إلى مدمني مخدرات، إلى تائهين، إلى مائعين، إلى متحوِّلين جنسياً، إلى وضعية دنيئة، وهابطة، ومنحطة، لا يمثِّلون فيها أي قيمة لأُمَّتهم، ولا لأنفسهم، تفريغ للإنسان من محتواه الإنساني، من محتواه القيمي والأخلاقي والديني.

ولذلك فُتح المجال حتَّى في بلاد الحرمين الشريفين، فُتِحت الأبواب على مصراعيها لهذا التوجه، في إطار هذا التوجه: التمييع الكامل للناس؛ ولذلك نرى مثلاً في ذروة الإجرام الصهيوني اليهودي المستهدف للشعب الفلسطيني، هناك مشهد آخر في بلاد الحرمين، ذروة الحفلات الراقصة، الماجنة، العابثة، المستهترة، في صورة مخزية للغاية، وهي الصورة الَّتي يريدونها أن تَعُمّ في واقع أُمَّتنا: أن تتزامن مع كلِّ نكبة، مع كل مأساة، مع كل كارثة، حتَّى في الوقت الذي تستهدف فيه مكَّة أو المدينة، أو يهدموا فيه المسجد الأقصى، أو يدمَّر فيه شعب، أو يباد فيه شعب، أن يكون الجو العام في هذه الأُمَّة هو الرقص لشبابها وشاباتها، والترنح بالسُّكْر، والضياع في المياعة… وغير ذلك، خارج نطاق الواقع، خارج نطاق الواقع بما فيه من تحديات، من مخاطر، من أمور جدِّيَّة، من أمور مهمة، من قضايا مهمة، تتَّصل بمصائر هذه الشعوب، بكرامتها، بحياتها، بدينها، بدنياها، بحاضرها، بمستقبلها… إلى غير ذلك، أن يضيع كل ذلك، هذا المسار لا يزال مساراً قائماً، وسيحاولون العمل عليه بكثافة.

  • أيضاً من ضمن هذا المسار: التجنيس لليهود الصهاينة في البلدان العربية بكامل الحقوق، وفوق الحقوق، وتمكينهم من النفوذ على كل المستويات: اقتصادياً، إدارياً، سياسياً… على كل المستويات:

ولـذلك منذ المرحلة الأولى، منذ اللحظة الأولى للتطبيع، بدأت عملية تجنيس بالآلاف، في بعض البلدان الخليجية وعلى الفور، إعطاء جنسيات لليهود الصهاينة في نفس البلدان، وتصل الأرقام في غضون مدة وجيزة جــدًّا بالآلاف، بالآلاف! وهذا يعني لماذا؟ لتمكينهم من أن يتحرَّكوا في تلك البلدان بحقوق المواطنة، وأكثر من حقوق المواطَنة، فوق حقوق المواطَنة، لن يكون أي مواطن في تلك البلدان بمستواهم فيما هو متاح لهم على كل المستويات: في المجال الاقتصادي، في مجال النفوذ الإداري… على كل المستويات، وهم يعرفون كيف يعملون، كيف يخترقون، كيف يتغلغلون في كل المؤسسات وفي كل المجالات، كيف يتحوَّل واقعهم إلى واقع النفوذ المسيطر، المتحكِّم في كل المجالات، يتحرَّكون بشكل هائل جــدًّا؛ لأنهم أصحاب مشروع، أصحاب مخطَّط، أصحاب أهداف، ليس واقعهم كواقع الأنظمة العربية الَّتي هي بلا أهداف، بلا مشروع، بلا خطة، بلا قضية، وتفتح الأبواب لهم، وهم يتَّجهون لتنفيذ أهداف محددة لديهم، أهداف هي تدميرية لهذه الأُمَّة، هي نفس أهداف المخطَّط الصهيوني، وهم يركِّزون على هذا.

في هذا السياق نفسه أيضاً: شراء أراضٍ، الشراء للأراضي وصل إلى درجة أنَّ شركات صهيونية أصبحت تشتري أراضي في المدينة المنوَّرة، وتشتري عقارات في مكة المكرَّمة! إلى هذا المستوى من الاختراق، ما بالك بغير ذلك يعني: من المناطق والبلدان في دول الخليج وفي غيرها؟! عناية قصوى، وهم يدركون كما فعلوا في فلسطين منذ البداية، الشراء للأراضي وللعقارات، ثم الانطلاقة من خلال ذلك إلى ما يواكبه أيضاً من نفوذ وتغلغل في مختلف المجالات، وصولاً إلى فرض سيطرة وتحكُّم في الوضع كله من حولهم، وبالاستناد إلى الأمريكي وشراكةٍ منهم، وهذا مسار من أخطر المسارات أيضاً، الَّتي فتحت لها الأبواب، وأزيحت عنها كل العوائق، وبكل بساطة، تقدَّم كل التسهيلات لتنفيذ ذلك، هذا شيء عجيب جــدًّا، ومن الَّتيه في الواقع العربي!

  • مع هذا كله: العمل على تفكيك بلدان المنطقة إلى كيانات صغيرة، متناحرة تحت مختلف العناوين:

عناوين طائفية، عناوين سياسية، عناوين مناطقية، يتحمَّس لها الناس في الوقت الذي لم يعد لديهم أي تفاعل مع القضايا الكبرى، القضايا العظيمة، القضايا المقدَّسة، القضايا المهمة.

وهذا رأينا نموذجه في بعض البلدان، الَّتي قد نجح العدو فيها إلى مستوى معيَّن، إذا كان العنوان طائفياً، يكون التحرُّك له حتَّى بعنوان النفير العام، والعشائر… وغيرها، الكل يتحرك؛ لأن العنوان طائفي، والعدو الإسرائيلي يشتغل على أن تكون مثل هذه العناوين، عناوين تتفاعل معها شعوب هذه المنطقة للتفاني فيها؛ لكن عندما يكون العنوان مواجهة العدو الإسرائيلي بكل شرِّه، وخطورته، وكفره، وظلمه، وطغيانه، وإجرامه، ليس هناك أي تفاعل، بل هناك صدّ، تثبيط، محاربة وتشويه لمن يتحرك في اتِّجاه التصدِّي لذلك الخطر والشر الكبير والمطلق على هذه الأُمَّة؛ بينما إذا كان العنوان عنواناً طائفياً، مذهبياً، فتنوياً، تكفيرياً، ترى التحشيد، ترى الاستجابة، ترى التفاني، ترى الشدة، ترى القوَّة، ترى التحرُّك الجاد بكل أشكاله، التفاعل على أعلى المستويات، عناوين سياسية…

بل تعبئة هذه المنطقة في شعوبها بالأزمات في كل شيء، إلى درجة عجيبة جــدًّا، يندهش الإنسان عندما يشاهد مثلاً واقع مواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي، محاولة لتحويل كل القضايا البسيطة، كل القضايا الشخصية، كل القضايا الجزئية، إلى أن تتحوَّل إلى أزمات كبرى، إلى سياق الشحن، والتعبئة، والأحقاد، إلى تعبئة بواقع مأزوم للغاية، مأزوم جــدًّا، كل قضية جزئية، أو شخصية، تدخل في عالم مواقع التواصل الاجتماعي لصناعة واقع مأزوم جــدًّا جــدًّا جــدًّا في هذه الشعوب، غارق بالهموم، والمشاكل، والصراعات، والاحتقانات، والتَّذَمُّر، والسخط تجاه حتَّى أبسط القضايا والأمور الَّتي يمكن حلها بكل بساطة، والبعض منها ليس هناك أي داعٍ أصلاً لأن تكون قضايا تتحوَّل إلى سياق تأزيم الوضع العام، ومحاولة شحن الواقع العام بكل جزئية، بكل مشكلة، وتشتيت ذهنية الناس عن القضايا الكبرى، عن الأمور المهمة الَّتي تحل لهم حتَّى قضاياهم الجزئية، وحتَّى التفاصيل، غرق في الجزئيات والتفاصيل، شحن بالأزمات، تعبئة بالتذمر والأحقاد والضغائن إلى درجة مذهلة جــدًّا، الإنسان يستغرب جــدًّا حالة تيه رهيب!

العدو الإسرائيلي يعمل على الاستثمار في كل ذلك، والعمل على كل ذلك:

  • حتى ينسى الناس قضاياهم الكبرى وحلولها المهمة.
  • حتى ينسى الناس قضاياهم المصيرية.
  • حتى ينسى الناس الاتِّجاهات الصحيحة، الَّتي تصلح لهم واقعهم، تصلح لهم أعمالهم، تصلح لهم وضعياتهم، تحل لهم مشاكلهم.

تبقى الحالة حالة تعبئة بالتَّذَمُّر، والعقد، والسخط، في كل ما هب ودب من قضاياه، وجزء كبير أيضاً مختلق، وجزء يضخَّم، من باب تحويل القضية الصغيرة إلى قضية كبيرة، [الحبة إلى قُبَّة].

والاستثمار في كل شيء، لماذا؟ لبعثرة هذه الأُمَّة، حتَّى لا تبقى أي حالة من حالات التَّوَحُّد، التعاون، الروح الإيجابية في داخل شعبٍ معين، حتَّى يتنافر الناس، يكرهون بعضهم بعضاً، يسخطون على بعضهم البعض، تمتلئ الحالة في العلاقة فيما بينهم بحالة السخط، والعقد، والبغضاء، والكراهية، والتنافر، والتشاحن، ويشتدون على بعضهم البعض؛ بينما هم تجاه عدوهم، تجاه المخاطر الكبرى عليهم، لا يلتفتون إليها أصلاً؛ نفير عام على نزاع بين قبيلة وأخرى، مسارعة إلى الاقتتال، مسارعة إلى سفك الدماء وهدرها، مسارعة إلى الاستنفار على قضية معيَّنة، قضية جنائية، قضية محدودة يمكن معالجتها، يمكن حلها بدون ذلك، لكن هكذا وضعية غير طبيعية، غير صِحِّيَّة، غير سليمة، غير إيجابية، في الوضع الداخلي للأُمَّة؛ تبعثرها، تفككها، تمزقها، تبعثرها، وهذا لخدمة مَنْ؟ العدو الإسرائيلي، الذي يبقى هو في وضع مختلف، مركزاً على أهدافه، مركزاً على مخطَّطه، مركزاً على المسارات العملية الَّتي ينجز بها ذلك المخطَّط.

هذا جزء من المسارات، ليس كلها، جزء من المسارات الَّتي هي ما قبل طوفان الأقصى:

  • في سياق تصفية القضية الفلسطينية من جانب.
  • في سياق [تغيير الشرق الأوسط] كما يسمُّونه، الجانب الأمني، الجانب العسكري… الجوانب الأخرى، في كل مسار هناك عمل مكثَّف للأعداء، حالة القائمة في واقع أُمَّتنا حالة استهداف شامل في كل المجالات.

السيـــاق أيضـــاً فيمــا يتعلَّـق بغــزَّة نفسهـــا:

العدو الإسرائيلي منذ فراره في عام 2005 من قطاع غزَّة، في النصر الإلهي الذي كتبه الله للمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني، وللشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة؛ نتيجةً للتضحيات، والعمليات المكثَّفة، والجهود العظيمة، هرب العدو الإسرائيلي وخرج من قطاع غزَّة في العام 2005 ليس تكرماً كما قال (ترامب): [أنَّ الإسرائيليين كانوا كرماء عندما تركوا للشعب الفلسطيني قطاع غزَّة]، وكأنهم أهدوه، كأنهم قاموا بإهداء قطاع غزَّة للشعب الفلسطيني، وكأنهم هم أصحاب الأرض، والحق، والمِلك؛ بينما كانوا محتلِّين، معتدين، غاصبين، مجرمين، ظالمين، ولا يزالون.

هرب العدو الإسرائيلي في العام 2005 من قطاع غزَّة، من بعد هروبه وهو حاقد، وهو لا يريد التسليم بترك قطاع غزَّة لأهله، للشعب الفلسطيني، لأصحاب الحق والمِلك؛ ولـذلك من بعد خروجه:

  • استمر أولاً في الحصار: الحصار استمر على مدى ثمانية عشر عاماً، حصار بكل ما تعنيه الكلمة لقطاع غزَّة، لا يدخل لهم من الطعام، والشراب، والاحتياجات الإنسانية، والمواد الضرورية، إلَّا اليسير، إلَّا كميات محدودة، وتضييق مستمر في كل شيء، تضييق مستمر عليهم في كل شيء.
  • جولات من العدوان في مراحل متعدِّدة، منها مثلاً:
  • في العام 2008.
  • وفي بداية العام 2009.
  • وفي العام أيضاً 2011.
  • وفي العام 2014.
  • وفي العام 2021.

جولات من العدوان الشامل، الغارات المدمِّرة، محاولة الاجتياح البري، القتل لآلاف الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة… وهكذا اعتداءات مستمرة.

  • ما قبل عملية طوفان الأقصى كان هناك تحضيرات، ومناورات، وإطلاق تصريحات تؤكِّد توجه الإسرائيلي لعدوان جديد وشامل ومدمِّر على قطاع غزَّة، وتحضير واضح للعدوان على قطاع غزَّة، هذا في العام 23 ما قبل عملية طوفان الأقصى.
  • في نفس الوقت استمرار في الانتهاكات في بقية فلسطين بشكلٍ عام، وفي المسجد الأقصى كذلك، تكثيف لانتهاك حرمة المسجد الأقصى، وهذه قضية مهمة للشعب الفلسطيني ولكل الأُمَّة، العدوان على المسجد الأقصى هو عدوان على الشعب الفلسطيني بكله، وعلى الأُمَّة بكلها، وعلى دينها، مقدَّس عظيم من مقدَّساتها.
  • كذلك في الضفة الغربية: اعتداءات مستمرة، انتهاكات مستمرة، والمسألة واضحة فيما كان يحدث من العدو الإسرائيلي ما قبل عملية طوفان الأقصى.
  • تعذيب واضطهاد للأسرى، ودون أفق واضح لمعالجة قضية الأسرى، وهذه قضية لا يمكن أن يتجاهلها الشعب الفلسطيني، أن ينسى أسراه، وأن يتركهم في سجون العدو الإسرائيلي تحت طائلة التعذيب، الذي يصل إلى درجة أن يرتقي البعض منهم شهداء، وأن يكونوا في حالة اضطهاد مستمر، وتعذيب مستمر، وليس هناك أي أفق، لا تبادل، ولا معالجة بهدف الإفراج عنهم، يعني: العدو الإسرائيلي يحاول أن يصل بالشعب الفلسطيني إلى يأس من أسراه، ليس هناك أفق لحل معيَّن، ولا لتبادل… ولا لشيء، مع الاستمرار في التعذيب، في التضييق، في الاضطهاد، الشعب الفلسطيني من الطبيعي أن يتألم لحال أسراه؛ لأنه شعب حي، شعب حر، شعب يمتلك الكرامة الإنسانية والعِزَّة… وهكذا في كل المسارات.

فعملية طوفان الأقصى لها سياقها، وهي في إطار قضية مقدَّسة، في إطار مسار جهادي إيماني للشعب الفلسطيني، في إطار الحق، والموقف الحق، والموقف المشروع، وهذه مسألة مهمة يجب أن نستذكرها؛ لأن هناك حملة تشويه لعملية طوفان الأقصى في بعض وسائل الإعلام العربية، الَّتي تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي.

فيما يتعلَّق بعملية طوفان الأقصى، كما قلنا: لها مشروعيتها الكاملة، هي في إطار الحق المشروع للشعب الفلسطيني، في الدفاع عن نفسه وأرضه، وعن المقدسات، في إطار مسؤولية هي مسؤولية تعني الأُمَّة جميعاً، كانت العملية- بتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- ناجحةً نجاحاً غير مسبوق في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، لا في الواقع الفلسطيني، في الأداء الفلسطيني نفسه، ولا في الأداء العربي، عملية بمثل ذلك المستوى من النجاح، بينما هي في ذلك المستوى من الظروف، الظروف الَّتي كان يعاني منها الإخوة المجاهدون في قطاع غزَّة، في مقابل تلك الظروف الَّتي هم فيها:

  • في حالة حصار شديد.
  • إمكانات محدودة.
  • جولات من الاستهداف المتكرَّر، من عامٍ إلى آخر.
  • خذلان عربي من حولهم، مسارات في اتجاه معاكس للحق الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، لمصلحة العدو الإسرائيلي ضد الأُمَّة بكلها.

في ظل تلك الوضعية، وفَّقهم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لتنفيذ تلك العملية بذلك المستوى من الأداء العظيم الناجح، الذي مثَّل صدمة كبيرة جــدًّا هزَّت العدو الإسرائيلي وكل داعميه، وكان لها صداها الكبير، والهائل، والعظيم، والمؤثِّر جــدًّا؛ أمَّا بالنسبة للعدو الإسرائيلي، فكان في حالة ترنح، يتمايل يميناً ويساراً، في حالة إرباك شامل، في هزيمة نفسية ومعنوية هائلة وغير مسبوقة بالنسبة للعدو الإسرائيلي، وفي حالة من الرعب، والخوف، والذعر، والدهشة، فكان ذلك واضحاً، مستوى النجاح الكبير حتَّى فيما يتعلَّق بتلك المنطقة، أو بتلك الفرقة العسكرية، الفرقة العسكرية الإسرائيلية الَّتي يعتمد عليها العدو الإسرائيلي ضد قطاع غزَّة، وضد المجاهدين في قطاع غزَّة، انهارت في نصف ساعة، فرقة عسكرية كاملة انهارت في نصف ساعة.

فكل المعايير العسكرية للنجاح العسكري في تلك العملية، هي بأعلى مستويات النجاح، بأعلى مستويات النجاح، وهذا توفيقٌ إلهيٌ كبير للإخوة المجاهدين في كتائب القسَّام، للذين قاموا بالتخطيط لهذه العملية، بالترتيب لها، بالتجهيز لها، كان هناك نجاح، تمكَّنوا من الحفاظ على عنصر المفاجأة، بالرغم من إمكانات العدو الاستخباراتية والتَّجَسُّسِيَّة… وغير ذلك، هذا فعلاً نقلة كبيرة في جهاد الشعب الفلسطيني، فكان الانهيار العسكري الإسرائيلي في فرقة العدو الإسرائيلي باتجاه غزَّة كبيراً وواضحاً، والمشاهد الَّتي نشرت للعملية مشاهد واضحة وجلية، الإرباك الكبير للعدو الإسرائيلي، وحجم الصدمة والرعب كان واضحاً.

في إطار ذلك النجاح العظيم، والنقلة الكبيرة، كان من واجب المسلمين بشكلٍ عام في البلاد العربية وغيرها، أن يبادروا، أن يبادروا بشكلٍ فوري إلى دعم الشعب الفلسطيني في هذا الإنجاز العظيم، واستثمار هذا الإنجاز لتحقيق نتائج فورية في الضغط على العدو الإسرائيلي، وفرض معادلات مهمة جــدًّا، وكانت الفرصة متاحةً لهم لتحقيق ذلك.

والله لقد كانت فرصةً عظيمةً ومهمةً للمسلمين، لو أنهم قاموا بواجبهم الإسلامي، والإنساني، والأخلاقي، والديني، وبادروا على الفور، بادروا على الفور لدعم الشعب الفلسطيني، لدعم عمليته، موقفه، ودخلوا في مسارات المساندة على كل المستويات: المساندة الدبلوماسية، الإعلامية، الاقتصادية… على كل المستويات، كان هذا هو الذي ينبغي، كان هذا هو واجبهم، كانت فرصةً لهم هم، للمسلمين جميعاً، ليبادروا في إطار ذلك، فكانت فرصة تاريخية، فتح الله بها أفقاً كبيراً، أفقاً عظيماً، مهيّأً، لو أنهم بادروا لاستثمارها، وحظي الشعب الفلسطيني بالمساندة والدعم الإسلامي في البلاد العربية وغيرها كما ينبغي.

لكنهم بادروا إلى التخاذل على الفور، وبادرت بعض الأنظمة بموقف سلبي جــدًّا، إلى درجة التحريض للأمريكي، والتحريض للإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وكانت هذه الحالة حالة مؤسفة جــدًّا، تبيِّن واقع الأُمَّة الَّتي أصبحت مكبَّلة، لا تبادر حتَّى لاقتناص واغتنام فرص عظيمة جــدًّا، فرص تاريخية، فرص نادرة، وإضاعتها تشكِّل خطورة على الأُمَّة؛ لأن هناك عقوبات إلهية عندما يتم إضاعة فرص كبيرة، كما في قصة بني إسرائيل في تاريخهم، في قصة القرية الَّتي كان لديهم فرصة للدخول إليها، فعصوا أمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}[المائدة:26].

إضاعة الفرص الَّتي يتهيأ للأُمَّة فيها تنفيذ أوامر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والاستجابة لأوامره، والقيام بمسؤولياتها فيما فيه خيرٌ لها، وحلول لها، وإنجازات لها، عليه عقوبات خطيرة جــدًّا.

حصل تخاذل، وإساءة، وتحريض، من بعض الأنظمة العربية، في المقابل بادر مَنْ؟ بادر أعداء هذه الأُمَّة، الذين ليس لهم من القيم، من المبادئ، بمثل ما هو في دين هذه الأُمَّة، في قرآنها، في نهجها، لو أنها بقيت على ارتباط وصلة وثيقة بهدى الله، بتعليماته، بقرآنه، بكتابه، بالاقتداء والتأسي برسوله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، الذي بادر هو الأمريكي، الذي بادر هم صهاينة هذا العالم، الصهيونية العالمية بكل أذرعها، في أمريكا في البداية، وعلى نحوٍ غير مسبوق؛ لأن أمريكي يعتبر نفسه الراعي الأول للعدو الإسرائيلي، ومعه أيضاً بريطانيا، فرنسا، ألمانيا… كبريات الدول الأوروبية، بادروا هم، بادروا هم، وكانت المبادرة في إطار الموقف الحق هي المفترض بهذه الأُمَّة الَّتي يقول الله لها: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}[آل عمران:133]، المسارعة في إطار الموقف الحق، في إطار الموقف المشرِّف، في إطار المسؤولية الدينية، الإنسانية، الأخلاقية، في إطار ما فيه الخير لهذه الأُمَّة، والدفاع عن هذه الأُمَّة؛ لكن هؤلاء العرب والمسلمون تخاذلوا، وأولئك الذين هم على شر، على باطل، في موقف الباطل، في موقف الظلم، في موقف العدوان، هم أولياء الشيطان، بادروا هم، بادروا إلى العدو الإسرائيلي؛ لنجدته.

حجم المبادرة الأمريكية، والغربية، والصهيونية العالمية، يكشف- فعلاً- عن مدى تأثير عملية طوفان الأقصى، وما مثَّلته من اهتزاز هائل جــدًّا، وزلزال حقيقي ضد العدو الإسرائيلي وداعميه، يعني: الأمريكي هو شخَّص وضعية العدو الإسرائيلي أنها وضعية على وشك الانهيار، وضعية صدمة هائلة، انهيار معنوي، حالة إرباك كبير وهائل؛ ولذلك بادر الأمريكي بشكلٍ كبيرٍ جــدًّا، ومعه البريطاني، ومعه أيضاً الألماني، ومعه الفرنسي، ومعه الإيطالي، بادروا بدعم على كل المستويات، الأمريكي في المقدِّمة، الأكثر حضوراً، الأكثر دعماً، الأكثر مبادرةً، وعملوا على كل المستويات، والأمريكي دائماً هو يقود التحرك الصهيوني الغربي، لدعم العدو الإسرائيلي وضد أُمَّتنا الإسلامية، فالأمريكي تحرَّك في مسارين متوازيين، ومعه- كما قلنا- أنظمة غربية بكل إمكاناتها، وعلى كل المستويات، في مسارين متوازيين:

  • مسار تقديم كل أشكال الدعم للعدو الإسرائيلي:
  • الدعـــم العسكـــري:
  • على الفور بدأ الجسر الجوي الأمريكي؛ لنقل كل أشكال السلاح والعتاد الحربي القاتل إلى العدو الإسرائيلي.
  • كذلك إرسال خبراء عسكريين، والكثير ممّن يمكن أن يسهموا عسكرياً من الضباط الأمريكيين، والخبراء في الجيش الأمريكي؛ للاشتراك مباشرةً في إدارة الموقف العسكري… وعلى كل المستويات.
  • حشد قواته إلى المنطقة: إلى البحر الأبيض المتوسط على المستوى البحري، إلى البحر الأحمر، إلى الخليج… إلى كل منطقة.
  • كذلك استنفر كل قواعده العسكرية في بلدان أُمَّتنا، في البلدان العربية والبلدان الإسلامية؛ لتكون مسهمة مع العدو الإسرائيلي بكل أشكال الدعم، مخازنها لتزويد العدو الإسرائيلي، نشاطها، رقابتها، الجهوزية العسكرية لها، تحرُّك بِجِدِّيَّة واهتمام.

المفترض بالعرب، بالمسلمين جميعاً، أن يتحرَّكوا هم؛ تخلوا عن هذا المستوى من الاهتمام والجِدِّيَّة، وتركوه لأهل الباطل، للظالمين، للمعتدين، للمجرمين.

  • فتحرك أيضاً على تقديم الدعم السياسي، تقديم الدعم الإعلامي… تقديم كل أشكال الدعم.
  • التضامن بتوافد الرؤساء:
  • (بايدن) وهو طاعنٌ في السن، وفي وضعٍ صحيٍ معروف على المستوى الذهني والبدني، ذهب بنفسه إلى الصهاينة، إلى العدو الإسرائيلي، إلى فلسطين المحتلة، لإعلان التضامن من هناك، مع ما يقدمونه فعلياً.
  • الرئيس الفرنسي من جانبه استخدم حتَّى عبارة: [لستم وحدكم]، وأكَّد أنَّ فرنسا إلى جانبهم كتفاً بكتف، أكَّد هذا للصهاينة.
  • البريطاني بادر كذلك: بالتضامن، بالوفود على أعلى المستويات الرسمية، بإرسال السلاح والذخائر، بإرسال طائرات التَّجَسُّس، بالمشاركة بكل أنواع المشاركة، إرسال خبراء…

وهكذا بادرت: بادر الفرنسي، بادر الإيطالي، بادروا بالدعم بكل أشكاله: دعم اقتصادي، دعم مالي، دعم بالذخائر، بالقذائف، بالقنابل، بالخبراء، بالأنشطة التَّجَسُّسِيَّة، حضور في المنطقة بشكل عام، يمتلكون هذا المستوى من المبادرة، من الاهتمام، من الجِدِّيَّة بقضاياهم الَّتي هي باطلة، ظالمة، في إطار توجههم الاستعماري والاستكباري والظالم، ولا نتحرك نحن كأُمَّة في إطار موقف الحق، في إطار الدفع عن أنفسنا، وعن أُمَّتنا، وعن ديننا ودنيانا، شيء مؤسف جــدًّا!

  • المسار الآخر هو: تجميد هذه الأُمَّة:

من خلال الأنظمة الَّتي تؤدِّي هذا الدور: تكبِّل الأُمَّة من حولها، تكون في واجهة الموقف، لكن بدون موقف، مجرَّد ماذا؟ قمم، وإصدار بيانات، ويكون السقف الأعلى هو إصدار بيانات وتصريحات دون أي موقف فعلي على أي مستوى، حتَّى على مستوى المقاطعة الدبلوماسية، على مستوى المقاطعة الاقتصادية، على مستوى غير القتال العسكري، وغير الدعم العسكري، حتَّى على مستوى الدعم للشعب الفلسطيني بحليب الأطفال، بالخبز، بالقمح، بالغذاء الضروري.

كان من الممكن أن يفتح منفذ رفح منذ اليوم الأول، بدعم عربي وإسلامي، تلتف هذه الأُمَّة بكلها حول مصر، وتقوم مصر بهذا الدور بدعم ومساندة عربية وإسلامية شاملة، وتدخل كل المواد الغذائية والإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، وهذا حق عالمي، معترف به عالمياً، عالمياً؛ ولكن تم ضبط الموقف في العالم الإسلامي رسمياً بالمعيار الأمريكي، وبالاحتواء لأي تحرك جاد وفعلي، وأن يكون السقف الأعلى هو: تصريحات، وقمم، ومؤتمرات، وبيانات، وحبر على ورق، وصوت في الهواء، دون أي موقف فعلي، حتَّى في الحد الأدنى.

وبقي العرب محافظون على هذا السقف الأمريكي رسمياً عربياً، استمرّوا على ذلك تحت هذا السقف، دون أي خطوات عملية، لا أفعال ضد العدو الإسرائيلي، ولا في العلاقة به، على مستوى مثلاً: إغلاق الأجواء، هناك فعلاً مواقف متميزة لبعض البلدان العربية، والحكومات العربية، في هذا المستوى: إغلاق الأجواء مثلاً، قطع العلاقات الدبلوماسية، لكن كبريات الأنظمة في منطقتنا العربية، العالم الإسلامي، ما عدا المحور الذي له مسار آخر، مسار مساند للشعب الفلسطيني سنتحدث عنه، لكن البقية حرصوا على أن يستمروا في الدعم الاقتصادي للعدو الإسرائيلي بوتيرة أكبر من أيِّ زمنٍ مضى، يعني: عندما نعمل حصراً، كم عدد السفن الَّتي تحركت من موانئ السعودية؟ موانئ مصرية؟ البضائع الَّتي تحركت من الإمارات؟ البضائع الَّتي تحركت من تركيا؟ نسب عالية، البحرين على مستوى نظام (آل خليفة) الخائن لشعبه، والمعادي لشعبه، والظالم لشعبه؟ مستويات ومعدلات أعلى من أي مراحل ماضية، في مستوى ما تدفق إلى العدو الإسرائيلي.

حرصوا على المحافظة على العلاقة الدبلوماسية، على ألَّا يكون هناك أي خطوة فعلية بأي مستوى ضد العدو الإسرائيلي، هذا جزء من الموقف الأمريكي، جزء من الخطة الأمريكية: تجميد واحتواء الموقف في العالم الإسلامي والعربي، وفي نفس الوقت توجيه تحرُّك غير مسبوق مع العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، والسعي للانفراد به في قطاع غزَّة.

ثم اتَّجهوا بناءً على ذلك لماذا؟ اتَّجهوا لجريمة القرن، الَّتي لها أهداف أكثر من مسألة حرب عسكرية؛ ولهذا ما قام به العدو الإسرائيلي بشراكةٍ أمريكيةٍ كاملة، ومشاركة من بريطانيا، وإسهام من كبريات الدول الأوروبية بأشكال كثيرة، لم يكن عمليات عسكرية ومواجهة عسكرية ضد الإخوة المجاهدين والمقاومة في قطاع غزَّة، اتَّجهوا اتِّجاها آخر، اتِّجاهاً سقفه واضح، سقفه:

  • الاحتلال الكامل لقطاع غزَّة.
  • التدمير الشامل لقطاع غزَّة.
  • التهجير القسري والكامل للشعب الفلسطيني من قطاع غزَّة.
  • إنهاء المقاومة الفلسطينية بشكل نهائي في قطاع غزَّة.
  • المحاولة لاستعادة أسراهم دون أي تبادل للأسرى؛ بهدف الإبقاء على الأسرى والمختطفين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية دون أي تبادل.

هذا هو السقف الواضح، لاستهدافهم بجريمة القرن للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، واتَّجهوا بناءً على هذا الأساس باستخدام الإبادة الجماعية، العدوان الشامل، التجويع، الإجرام، في أكبر فضيحة ظهر فيها العدو الإسرائيلي، وظهر فيها داعموه، في مقدِّمتهم: الأمريكيون.

ومع ذلك، في مقابل تلك الهجمة، بكل ما فيها من وحشية، وإجرام، وطغيان، ومع الخذلان العربي والإسلامي الكبير جــدًّا للشعب الفلسطيني، كان صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وصمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، كان عظيماً وكبيراً، وغير مسبوق، هذا المستوى من الثبات، في مقابل إبادة جماعية، تجويع، تدمير، قتل شامل، تعطيش، أشد مستويات الضغط والعدوان والإجرام الَّتي يمارسها العدو الإسرائيلي بشراكة أمريكية ضدهم، وهم متمسِّكون، ثابتون، باقون في قطاع غزَّة، يضطرون للتحرك من هنا إلى هنا، في هذه المنطقة، من شمالها إلى جنوبها… إلى غير ذلك، لكن ثبتوا، مع أنه فتح لهم الأبواب إذا أرادوا أن يغادروا إلى خارج قطاع غزَّة، إلى خارج فلسطين المحتلة، فتح لهم المجال، لكنهم تمسَّكوا بهذا الحق، لم يبرحوا، لم يبرحوا قطاع غزَّة، استقروا وثبتوا، في مظلومية لا مثيل لها، نقلتها وسائل الإعلام لكل العالم بشكلٍ يومي، موثَّقة، مشهودة، جريمة القرن المشهودة الَّتي يراها العالم.

صمد الإخوة المجاهدون صموداً عظيماً جــدًّا، بثباتٍ منقطع النظير، وهم يؤدُّون واجبهم الجهادي في سبيل الله تعالى في التصدي للعدوان الغاشم الإسرائيلي بكل بسالة، بكل تفانٍ:

  • الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، مع قطعان ما يسمونهم بالجيش الإسرائيلي، تلك العصابات الإجرامية، من المسافة صفر.
  • الذهاب إلى الدبابات ووضع العبوات فوقها.
  • الاشتباك بكل أشكال الاشتباك: القصف، العبوات الناسفة، العمل الدؤوب، مع تقديم تضحيات كبيرة من القادة، من المجاهدين في كل المستويات، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}[آل عمران:146].

العدو الإسرائيلي، بالدعم الغربي، بالدعم الأمريكي، كان يحسم حروبه مع الجيوش العربية في غضون ساعات أو أيام، ومعروف ما يعنونه بحرب الأيام الستة، لهزيمة الجيوش العربية الكبرى، وجد نفسه في مأزق، مع أنَّه يحظى بالشراكة الأمريكية، بالدعم المفتوح والمطلق من الأمريكي، بالدعم الغربي، بدعم في مستويات معينة من بعض الأنظمة العربية؛ مع ذلك فشل فشلاً تاماً، أخفق في أن يحسم المعركة، وهو استخدم فيها عدواناً شاملاً، تكتيك الإبادة الجماعية، الاستهداف الشامل؛ بهدف أن يضغط لتحقيق هدفه، هدفه بكل تفرعاته الَّتي ذكرناها:

  • سيطرة كاملة على القطاع.
  • إنهاء للمقاومة.
  • استعادة للأسرى دون تبادل.
  • تهجير قسري للشعب الفلسطيني… إلى غير ذلك.

فشل واستمر فشله الكبير على مدى عامين، وتكبَّد الكثير من الخسائر، وواجه أزمة فيما يتعلَّق بقوته البشرية، إلى حد أنَّه أصبح يفكر في مسألة تجنيد يهود من البلدان الأخرى، من العالم الغربي وغيره، ووصل إلى مأزق بكل ما تعنيه الكلمة.

على مدى عامين، في كل سطوة وجبروت العدوان الإسرائيلي، والإبادة الجماعية، والهجمة الكبيرة، والحصار الشديد، حصار على مستوى حليب الأطفال، ما بالك أن يدخل ذخائر أو إمداد عسكري للإخوة المجاهدين! والصمود عظيم جــدًّا، فأخفق العدو الإسرائيلي:

  • لا نجح في استعادة الأسرى بدون صفقة تبادل.
  • ولا نجح في إنهاء المقاومة.
  • ولا نجح في التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وإخراجه من قطاع غزَّة بالكامل.
  • ولا نجح كذلك في مستوى بقية الأهداف الَّتي أعلنها.

الحالة هي حالة فشل، ومع ذلك فضيحة في كل العالم، ظهر العدو الإسرائيلي لكل شعوب وبلدان العالم، في صورته الحقيقية البشعة جــدًّا، ككيانٍ إجراميٍ متوحشٍ، لا يمتلك أي قيم إنسانية، ولا أخلاقية، ولا يلتزم بأي شيء متعارف عليه بين البشر: لا بقيم دينية، لا بقوانين، لا بمواثيق، يتنكَّر لكل الحقوق، ظهر في أسوأ مستوى من الإجرام والتوحُّش بصورته البشعة للغاية:

  • كيف يعامل حتَّى الأطفال والنساء، والكبار والصغار!
  • كيف يمارس الإبادة الجماعية بكل الوسائل!
  • كيف يمنع حليب الأطفال عن الأطفال الرضع!
  • كيف يتعمَّد القتل بكل وسائل القتل والإبادة للمدنيين!
  • كيف يمارس الإجرام بكل أنواع الإجرام، ويتفنن في الإجرام بشكلٍ بشع!

مما أحدث استياءً عالمياً لدى كثير من الشعوب، أو لنقل: الأحرار وذوي الضمير الإنساني في مختلف أنحاء العالم:

  • فخرجت مظاهرات ومسيرات حتَّى في أوروبا، وفي أمريكا، وهي في بعض البلدان الأوروبية على وتيرة كبيرة، وبزخم مؤثِّر وضاغط، وصولاً إلى أستراليا.
  • كذلك مواقف حُرَّة لشعوب وحكومات وزعماء لبعض الدول: مثل ما هو الحال في أمريكا اللاتينية، مثل ما هو الحال في فنزويلا، في كولومبيا، في جنوب أفريقيا، أيضاً في بعض البلدان الأفريقية، مثل: جنوب أفريقيا… في أنحاء العالم، في مختلف القارات في الأرض.
  • تحرَّك ذوو الضمير الإنساني، في عمل مستمر ومتصاعد: مظاهرات، احتجاجات، وقفات.
  • تغيَّرت الصورة حتَّى في الداخل الأمريكي بين أوساط المجتمع الأمريكي، حتَّى بين فئة الشباب، في النظرة تجاه العدو الإسرائيلي، وهم كانوا على مدى عقود من الزمن يتلقون ثقافة ترسِّخ لديهم التعظيم، والتقديس، والتبجيل لليهود الصهاينة، والتنكُّر للقضية الفلسطينية، والتأييد المطلق للعدو الإسرائيلي؛ أصبح الكثير منهم في نسب- في بعض الإحصائيات- تصل إلى النصف، والبعض أكثر من ذلك، كمجرم، ينظرون للعدو الإسرائيلي كمجرم، كظالم، كغشوم، قاتل للأطفال، قاتل للنساء، مستهتر بكل القيم الإنسانية المتعارف عليها بالفطرة بين كل المجتمعات البشرية، وهذا أثَّر حتَّى على السمعة الإسرائيلية، والسمعة الأمريكية في كل العالم.

أصبح المجرم (نتنياهو) مطلوباً حتَّى للمحاكم الدولية، ومحظوراً عليه السفر إلى كثيرٍ من البلدان، أصبح مجرماً بإجماع عالمي، الأمريكي لا يعتبر بموقفه في هذا السياق؛ لأنه على المستوى الرسمي، والمؤسسات الأمريكية الصهيونية الحاكمة لأمريكا، والمسيطرة عليها، هم ضمن التوجه الصهيوني.

هذا فيما يتعلَّق بمستوى الاستياء العالمي غير المسبوق في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي.

  • هناك أيضاً فيما يتعلَّق بأُمَّتنا الإسلامية: تميّز محور الجهاد والقدس والمقاومة في موقفه الصادق، والثابت، والمناصر، والداعم للشعب الفلسطيني، وصولاً إلى فتح جبهات الإسناد:
  • جبهة الإسناد اللبنانية:

الَّتي قدَّمت أكبر التضحيات في إسناد الشعب الفلسطيني، ودخلت أيضاً في أشد المعارك شراسةً وضراوة مع العدو الإسرائيلي على مستوى جبهات الإسناد، فكان لها الدور الأول، وتصدَّرت مستوى العطاء، مستوى التضحيات، ومستوى الاشتباك، مستوى الإنهاك للعدو الإسرائيلي، الدخول في مواجهة شرسة للغاية مع العدو الإسرائيلي، ودورها وتأثيرها كبيرٌ جــدًّا؛ لأنها– فعلاً- أسهمت إسهاماً عظيماً ومتقدِّماً، لا يمكن لأحد أن يقدِّم نفسه بأنه قدَّم مثل هذا المستوى من الإسناد، فهي قدَّمت أكبر التضحيات، وخاضت أشرس المواجهات مع العدو الإسرائيلي، وألحقت به الخسائر الكبيرة جــدًّا.

  • كان هناك إسناد من جبهات العراق أيضاً.
  • دعم مستمر بكل أشكال الدعم من الجمهورية الإسلامية في إيران، وثبات على الموقف الداعم للمقاومة، وخاضت جولات من المواجهة المباشرة مع العدو الإسرائيلي، وكانت عمليات القصف الصاروخي الإيراني في عمليات [الوعد الصادق] بمستوى غير مسبوق في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، وصولاً إلى الحرب المفتوحة الَّتي استمرت على مدى اثني عشر يوماً ما بين الجمهورية الإسلامية والعدو الإسرائيلي، عندما شن العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي، وفي نهاية المطاف بشراكة أمريكية، عدواناً على الجمهورية الإسلامية.
  • في جبهـــة الإسنـــاد اليمنيـــة:

كان التحرُّك ومنذ البداية، وبالمبادرة، بروح المبادرة، الَّتي يربينا عليها ديننا الإسلامي، الَّتي أيضاً لها جذورها في شعبنا العزيز بقيمه الإنسانية، والإيمانية، والدينية، وترسَّخت في إطار هويته الإيمانية، الَّتي عبَّر عنها رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”،  بقوله: ((الْإِيْمَانُ يَمَان، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)).

وكانت المميزات في جبهة الإسناد اليمنية هي: التحرك الشامل رسمياً وشعبياً بأعلى سقف، وبثباتٍ واستمرار، هذه مميزات مهمة للموقف اليمني، ومن منطلق إيماني، بالرغم من بُعدِ المسافة، ومما لذلك من تعقيدات وأعباء، في طبيعة المواجهة للإسناد للشعب الفلسطيني، ولكن كان التحرك- كما قلنا– بشكلٍ عظيم، بشكلٍ شامل:

  • الزخم الشعبي في المسيرات، والمظاهرات، والوقفات، والندوات، والتعبئة العامة، بمستوى لا مثيل له في كل العالم، وبمستوى غير مسبوق حتَّى في تاريخ هذا الشعب، وفي تاريخ المنطقة، وفي تاريخ العالم، لم نعرف في التاريخ مثل هذا المستوى من النفير والزخم الشعبي، مثل هذا العدد الهائل من المظاهرات المليونية في كل أسبوع، من الوقفات، من الندوات، من الأنشطة الهائلة، وما ترافق معها أيضاً في مسار التعبئة العسكرية، الذي هو من أهم وأعظم المسارات.
  • التحرك كان أيضاً على مستوى المسار العسكري: بالإسناد بالعمليات العسكرية، ثم بالتوجُّه العظيم، والمهم، والفعَّال جــدًّا، في قرار حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، باتجاه باب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، وكان هذا قراراً تاريخياً، وموقفاً تاريخياً، بتوفيقٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وحظي بتأييدٍ إلهيٍ ونصرٍ من الله عظيم، وتحقق النجاح فيه 100%، بشكلٍ تام.

وهذا الإنجاز العظيم، وهذا النجاح الكبير، له أهمية استراتيجية في الصراع مع العدو الإسرائيلي بشكلٍ عام، وفي واقع المنطقة بشكلٍ عام، تم النجاح بمنع الملاحة على العدو الإسرائيلي، والاستهداف للسفن الَّتي تحمل له المؤن والبضائع بشكلٍ فعَّال، وغرقت البعض منها، وتم استهداف العدد الكبير من السفن؛ حتَّى فُرِضت حالة الحظر بشكلٍ تام وناجح.

في مسار العمليات بالصواريخ والمسيَّرات إلى فلسطين المحتلة ضد العدو الإسرائيلي، كنا في مواجهة مشاكل كثيرة:

  • بُعْد المسافة مشكلة كبيرة، وعائق كبير، بُعْد لما يقدَّر بأكثر من ألفين كيلومتر.
  • ومع ذلك أيضاً الأحزمة، أحزمة الحماية للعدو الإسرائيلي، خمسة أحزمة إلى فلسطين.
  • أمَّا في داخل فلسطين المحتلَّة، فهناك أيضاً طبقات من الحماية الَّتي قد أعدَّها العدو الإسرائيلي بشراكة أمريكية؛ لحمايته من الصواريخ والمسيَّرات، طبقات متعدِّدة.

مع كل ذلك استمرَّت العمليات بنجاح، بتأثير على العدو الإسرائيلي:

  • تُرغم ملايين الصهاينة إلى الهروب إلى الملاجئ.
  • أثَّرت على حركة الملاحة الجوِّيَّة، والكثير من شركات الطيران العالمي أنهت عملها، وقاطعت العمل في الملاحة الجوِّيَّة إلى فلسطين المحتلة لصالح الصهاينة.
  • أثَّرت على الوضع الاقتصادي بشكلٍ كبير.
  • حظر الملاحة البحرية في البحر الأحمر، باتِّجاه خليج عدن، والبحر العربي، أثَّر على الاقتصاد للعدو الإسرائيلي بشكلٍ كبير، عطَّل ميناء [إيلات]، المنطقة الَّتي تسمَّى [إيلات] أم الرشراش بشكلٍ تام، بكل ما لذلك من تأثير حقيقي، وواضح، ومؤكَّد على الاقتصاد الإسرائيلي.
  • وهكذا على المستوى الاستراتيجي: كُسِرَت المعادلة الَّتي أراد الأمريكي أن يفرضها على أُمَّتنا، في منع أي تحرُّك مساند للشعب الفلسطيني.

واجه شعبنا في إطار ذلك جولات من العدوان الأمريكي، البريطاني، الإسرائيلي عليه:

  • جولة أولى أمريكية بريطانية، استمرَّت لفترة طويلة.
  • وجولة بعدها ثانية، عندما أتى (ترامب)، بتصعيدٍ هائل، وصمد شعبنا وثبت.

قدَّم التضحيات بكل المستويات، وصولاً إلى حكومة الشهداء، قدَّم التضحيات من الجيش، شهداء من الجيش، شهداء من أبناء الشعب، وشعبنا ثابت، صامد، لم يتزحزح.

واجه الحروب الاقتصادية، والمؤامرات الاقتصادية، الَّتي استهدفه حتَّى على المستوى الإنساني؛ وصبر وثبت، ولم يتزحزح عن موقفه.

صمد في مواجهة الحملة الإعلامية الهائلة، الَّتي استهدفته؛ للتشكيك في موقفه، ولمحاولة الحرب النفسية، والضغط والتأثير لإيقاف هذا الموقف، وكثيرٌ منها أبواق صهيونية بصوت عربي، أنظمة عربية سخَّرت كل وسائلها الإعلامية لدعم الموقف الإسرائيلي، ولاستهداف الموقف اليمني، أبواق من العملاء بأشكالهم، تحرَّكوا ليل نهار، وهم دائماً ينفخ فيهم الصهيوني ولا يسكتون؛ لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً وتامّاً.

مؤامرات أمنية استهدفت هذا البلد، هذا الشعب؛ فشلت أيضاً في التأثير على موقفه.

مؤامرات لخلخلة نسيجه الاجتماعي، بعناوين كثيرة مخادعة؛ ولكنها فشلت فشلاً تامّاً، وثبت شعبنا ثباتاً عظيماً.

إحصائيـــات العمليـــات الَّتي نُفِّذت منذ بداية عملية الإسناد لمعركة طوفان الأقصى:

بلغت- بعون الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”– فيما نُفِّذ بإطلاق الصواريخ والمسيَّرات إلى: (ألف وثمانمائة وخمسة وثلاثين) ما بين صواريخ بالِسْتِيَّة، ومُجَنَّحة، وفرط صوتية، وطائرات مسيَّرة، وزوارق حربية، وهذا عدد كبير في مقابل ظروف شعبنا العزيز، إمكانياتنا الاقتصادية، الظروف الَّتي نعاني منها في حرب لعشر سنوات، وحصار لعشر سنوات.

الأنشطـــة الشعبيـــة كانـت عظيمـــة وهائلـة جــدًّا:

  • المسيرات: (تسعة وأربعين ألف وثلاثمائة وأربعة وخمسين مسيرة)، في الأسبوع الماضي: (ألف وأربع مائة وثمانين مسيرة ومظاهرة).
  • الفعاليات: (أربعة وتسعين ألفاً وأربعمائة وثمانية وسبعين فعالية).
  • الندوات: (خمسمائة وتسعة وأربعين ألفاً وسبعمائة وتسعة وستين ندوة).
  • الأمسيات: (واحد وثمانين ألفاً وثمانمائة وثمانية وسبعين).
  • الوقفات الطلابية في الجامعات والمدارس: في حالة فريدة على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، بلغت إلى: (ثلاثمائة وخمسين ألفاً وستمائة وثلاثة وثلاثين وقفة طلابية وجامعية).
  • الوقفات الشعبية والقبلية والمجتمعية: (ثلاثمائة وسبعة عشر ألف وسبعمائة وخمسة وثمانين وقفة مجتمعية).
  • التدريب في دورات طوفان الأقصى في مسار التعبئة العسكرية: تخرَّج منها (مليون ومائة وثلاثة آلاف وستمائة وسبعة وأربعون متدرِّب)، وهذا عدد كبير جــدًّا، ورصيد مهم؛ في المستوى الثاني منها، وهو مستوى متقدِّم في التدريب: (مائة واثنان وثلاثين ألفاً وستة وأربعين متدرب).
  • في المناورات: (خمسة آلاف ومائة وثمانية وأربعين).
  • في العروض العسكرية: (ألف وثلاثمائة وتسعة وأربعين عرضاً عسكرياً).
  • وفي المسير العسكري: (ثلاثة آلاف وثلاثمائة واثنان وستين مسيراً عسكرياً).

زخم لا مثيل له من الأنشطة والتحرُّك، كله هذا في إطار مناصرة الشعب الفلسطيني، والثبات على الموقف.

شعبنا ثبت على موقفه ثباتاً عظيماً، لم يتزحزح، لم ينهزم، لم يتراجع، لم يفتر، لم يكل، ولم يمل، ولم يمل أبداً، استمر بزخم عظيم، بزخم هائل، بحيوية عالية، بحماس منقطع النظير، بتفاعل وجداني وإنساني وديني واضحٌ تماماً، انظروا إلى المظاهرات، انظروا إلى الهتافات، إلى القبضات، إلى الصرخات، إلى ملامح الوجوه، إلى طريقة التعبير الصادق، الَّتي يعبِّر بها المتظاهرون، انظروا إلى التضحيات، انظروا إلى أقوال أسر الشهداء وذويهم، المعبِّرة بصدقٍ تام عن الثبات العظيم، والتقرُّب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فيما يقدِّمه شعبنا.

شعبنا انطلق بوعي قرآني، بانطلاقة إيمانية، في إطار عمل عظيم، وجهاد مقدَّس في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مواجهة الاستعباد لهذه الأُمَّة، هو يدرك جيداً:

  • أنَّ المعركة هي معركة كل الأُمَّة.
  • أنَّ الخطر يستهدف الجميع.
  • أنَّ المخطَّط الصهيوني يهدف إلى استعباد هذه الشعوب،
  • أنَّ معادلة الاستباحة: للدم، والعرض، والمال، والمقدَّسات، والدين، والهوية، والاستباحة للأرض، والاستباحة للثروات، والاستباحة لكل شيء، هي معادلة شيطانية خطيرة جــدًّا، القبول بها يعني: التفريط بالكرامة الإنسانية، والعِزَّة الإيمانية، وبالحُرِّيَّة، والاستقلال، والتفريط بكل شيءٍ له قيمة في واقع المجتمع الإنساني، والإنسان كإنسان.

ولذلك لم يقبل بهذه المعادلة، ثبت، صمد، قدَّم التضحيات، نما في وعيه، طوَّر القدرات العسكرية، وشعبنا اليوم في ثمرة هذا الموقف ليس خاسراً؛ هو على مستوى قدراته العسكرية، على مستوى وعيه، إيمانه، على مستوى واقعه في ثباته، في البناء الصلب لوضعه، هو أقوى من أي مرحلةٍ مضت، هو في هذا المستوى من الحضور:

  • وصل إلى مستوى تصنيع الصواريخ الفرط صوتية الانشطارية وغير الانشطارية.
  • وصل إلى مستوى تصنيع الطائرات المسيَّرة بأنواع ناجحة جــدًّا، وعملياتها أصداؤها في كل العالم.
  • وصل إلى مستوى القوَّة البحرية، التأثير في الوضع البحري بما هو معروف عالمياً.

الأمريكي في المواجهة البحرية اعترف رسمياً، بأنه واجه مواجهةً لم يحصل أن واجه مثلها منذ الحرب العالمية الثانية، وأنَّه واجه مستوى من التحدِّي لم يسبق له أن واجهه؛ وفعلاً الشواهد واضحة، والنتائج واضحة، والاعترافات واضحة، صدى هذا الموقف وتأثيراته واضحة عالمياً.

هذا فيما يتعلَّق بالموقف، كل هذا ثمرة ثقة شعبنا بالله، وتحركه على أساس أداء مسؤوليته الدينية، الإيمانية، في إطار واجبه الديني والإنساني والأخلاقي.

 

  • فيمـــا يتعلَّــق بالاتِّفــــاق المعلـــن عنــــه البارحـــــة:

الاتِّفاق يثبت فشل العدو الإسرائيلي، وفشل داعمه الأمريكي في تحقيق تلك الأهداف، الَّتي أرادوا أن يحسموها في هذه الجولة: جولة العامين من الإبادة الجماعية، جولة العامين من التجويع، والتدمير الشامل، وقتل آلاف الأطفال والنساء، جولة العامين من التدمير الشامل لكل قطاع غزَّة:

  • فشل الإسرائيلي، وفشل معه الأمريكي، شريكه في كل الجرائم، في استعادة الأسرى بدون صفقة تبادل، هذا في بداية الفشل.
  • فشل في إنهاء المقاومة.
  • فشل في تهجير أبناء الشعب الفلسطيني إلى خارج فلسطين من قطاع غزَّة.
  • فشل أيضاً في أهدافه الأخرى الَّتي كان يسعى لها في عدوانه الشامل.

هذا الفشل أجبره إلى أن يوقِّع هذا الاتِّفاق، أو أن يعتمد هذا الاتِّفاق، وهذه مسألة جولة- كما قلنا سابقاً- مسألة جولة، الصراع مع العدو الإسرائيلي مستمر، دور الأمريكي الهدَّام في إطار التوجه الصهيوني مستمرٌ أيضاً؛ ولهـذا نحن سنبقى في حالة انتباه، وجهوزية تامة، ورصد كامل، بدقة وعناية، تجاه مرحلة التنفيذ لهذا الاتِّفاق، هل سيفضي هذا الاتِّفاق فعلاً إلى إنهاء العدوان على قطاع غزَّة، إلى دخول المساعدات والطعام والغذاء للشعب الفلسطيني، والدواء، والاحتياجات الإنسانية، والبضائع إلى قطاع غزَّة؟ هل سيوقف الأمريكي والإسرائيلي الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ويلتزمون بوقف إطلاق النار؟ فهذا ما نتمنَّاه، هذا ما نتمنَّاه، هذا كان هدفنا أصلاً من الإسناد، من عمليات الإسناد، المواجهة لهذه الهجمة على الشعب الفلسطيني، والَّتي هي هجمة في الواقع أيضاً على أُمَّتنا بشكلٍ عام.

يبقى الوعي بأنها جولة، وأنَّ الأعداء مستمرون في مخطَّطاتهم، ومؤامراتهم، وأطماعهم، ولها مسارات متعدِّدة، أمراً ضرورياً للغاية؛ لأن المسألة ليست فقط في هذه الجولة من الإبادة الجماعية ضد قطاع غزَّة، المسألة مسألة فلسطين بكل فلسطين، مسألة الاستمرار الأمريكي والإسرائيلي في الاستهداف لهذه الأُمَّة، المساعي المستمرة بكل الحيل، والمؤامرات، والخطَّط، لتصفية القضية الفلسطينية، الجولات الَّتي يحضِّر لها العدو الإسرائيلي ما بعد ذلك، وحتَّى الآن لا ندري ما إذا كانت ستتوقف الاعتداءات الإسرائيلية أيضاً على بلدنا، على بقية المنطقة، أو تستمر في إطار هذه الجولة.

كلنا نعرف ما يفعله الإسرائيلي بعد كل جولة، انظروا إلى الجولات السابقة: جولات عدوانه على لبنان، وجولات عدوانه على الشعب الفلسطيني في غزَّة، ما بعد كل جولة يعدّ لعدوان جديد؛ ولهـذا نحن معنيون دائماً حتَّى في حال تحقق وقف إطلاق النار إلى الإعداد، إلى الإعداد للجولات الآتية حتماً، في إطار التوجه العدواني لأعداء هذه الأُمَّة؛ لأنهم أعداء بكل ما تعنيه الكلمة.

الله أخبرنا في القرآن بأنهم أعداء لنا، وأنهم الأشد عداوة: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:82]، أخبرنا ما يريدونه تجاه أُمَّتنا: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}[المائدة:64]، نحن مستهدفون بشرهم، بفسادهم، بإضلالهم، بطغيانهم، بحربهم الناعمة الشيطانية، على المستوى الفكري، والثقافي، والنفسي، والأخلاقي، والقيمي، مستهدفون بحربهم الصلبة، مستهدفون بحربهم الاقتصادية، بحربهم الدعائية… بكل أشكال الحرب، هم يتحرَّكون ضد هذه الأُمَّة في كل المجالات؛ ولـذلك الصراع مستمر، الصراع في نطاقه العام مستمر على أشد المستويات.

وإذا كان طموحهم أن يدمِّروا هذه الأُمَّة، أن يستعبدوها من دون الله، أن يطمسوا هويتها الدينية، أن يفرضوا عليها القبول بمعادلة الاستباحة الكاملة، للدم، والعرض، والمال، والثروة، والأوطان، والمقدَّسات… وغير ذلك، يجب أن تكون معادلتنا:

  • التحرر منهم.
  • الوصول إلى دفع شرهم.
  • طردهم من هذه المنطقة.
  • التحقيق لأُمَّتنا الاستقلال التام، والردع، والحماية، والمَنَعة من طغيانهم، من إجرامهم، من ظلمهم، من عدوانهم.
  • الاستعادة لفلسطين، والمقدَّسات في فلسطين، والمسجد الأقصى… إلى غير ذلك.

ولهذا علينا أن نكون في أعلى مستويات الحذر والجهوزية، وأن نستمر في زخمنا الهائل، في الالتفاف حول الشعب الفلسطيني؛ حتَّى ننظر ستتحقق النتيجة فيما يتعلَّق بهذا الاتِّفاق، فبها ونعمة والذي نتمناه؛ أم نواصل مسارنا في الدعم والإسناد، ونحن نحرص دائماً أن يكون في تصاعد، في تصاعد، وبما هو أقوى، والعمل دؤوب ليل نهار في تطوير القدرات العسكرية، ومواجهة كل ما يستجد لدى العدو من تطوير وتحديث في تقنياته، وإمكاناته العسكرية.

الخروج المليوني يوم غد- إن شاء الله- الجمعة، ينبغي أن يكون خروجاً عظيماً جــدًّا، هو تتويج لعامين من هذا النفير العام، الذي استجاب فيه شعبنا العزيز بهويته الإيمانية لأمر الله تعالى، في قوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة:41]، وفعلاً رأينا فيه الخير:

  • ارتقت قدراتنا على كل المستويات.
  • ارتقى مستوى الوعي.
  • ارتقى مستوى التربية الإنسانية والإيمانية، ارتقاء مهم (قيمي، أخلاقي).
  • حضور في الساحة العالمية.
  • صدى عالمي لهذا الموقف.
  • عِزَّة إيمانية ومنعة.
  • ترسيخ للتحرر والاستقلال بشكلٍ فعلي وعملي… إلى غير ذلك.
  • خروج من أعباء الهيمنة والسيطرة الأمريكية، والتحكُّم الكافر الأمريكي على هذه الأُمَّة، تحرُّر من كل ذلك.
  • تجسيد للعِزَّة الإيمانية، والكرامة الإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة.

الخروج يوم غد هو تتويج لعامين من الموقف، من الوفاء، من الصدق مع الله، من الاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تتويج مهم، تتويج عظيم، في إطار أشرف موقف، ولخدمة قضية مقدَّسة عظيمة، التحرَّك فيها من أجل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو جهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الخروج العظيم لشعبنا على مدى عامين، التحرك غير المسبوق عالمياً لشعبنا، في نفيره الواسع، وأنشطته العظيمة، بزخمها الهائل على مستوى الكم والكيف، يجب أن يتوَّج يوم الغد تتويجاً عظيماً، مشرِّفاً، كبيراً، مشرِّفاً لهذا الشعب وهو شعب الشرف، والقيم العظيمة، والأخلاق العظيمة، والهوية الإيمانية، الَّتي عبَّر عنها بصدق بالقول والفعل، في إطار نصرته للشعب الفلسطيني، ومواجهته للطغيان الصهيوني الكافر الظالم، الذي هو كله شرٌّ، وإجرامٌ، وعدوان.

أدعو شعبنا العزيز للخروج يوم الغد إن شاء الله، خروجاً عظيماً في سبيل الله تعالى:

  • ثباتاً على هذا الموقف.
  • استمراراً في هذا الزخم المساند، ونحن في مرحلة مهمة وعظيمة، والمساندة فيها للشعب الفلسطيني، حتَّى في الضغط لتنفيذ الاتِّفاق، مسألة في غاية الأهمية.
  • ومباركة للشعب الفلسطيني ومجاهديه.
  • وتتويجاً لعامين من الاحتشاد الجهادي العظيم في الساحات بشكلٍ لا مثيل له.

أدعو للخروج الواسع في العاصمة صنعاء، في مختلف المحافظات والساحات.

إن شاء الله يكون خروجاً عظيماً، مهماً، كبيراً، له- كما قلت- أهميته الاستثنائية في هذا التوقيت بالذات، سنرصد ونرقب الأحداث، ونراقبها أيضاً، وسيكون لنا تعليق ومواقف تجاه أي مستجد فيها يتطلب ذلك، ونحن على رصد مستمر خلال هذه الأيام، ومواكبة مستمرَّة، وتنسيق تام على مستوى التنسيق ما بيننا وبين إخوتنا الفلسطينيين، وما بيننا على مستوى المحور وأحرار العالم.

نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم جَمِيعًا لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـــــلَامُ عَلَـيْكُـــمْ وَرَحْـمَـــــةُ اللَّهِ وَبَــرَكَاتـــُهُ؛؛؛

قد يعجبك ايضا