الفتوى المسحوبة… علامة عار في سجل الأزهر

في سياق خطابه حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، توقف السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي عند المواقف الرسمية والدينية المتباينة تجاه المجازر المستمرة في القطاع، مشيدًا ببعض الأصوات الحرة، ومنتقدًا بمرارة حالة الخذلان والتواطؤ التي باتت تهيمن على عدد من المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي.

وأوضح السيد أن موقفي مفتي سلطنة عمان ومفتي ليبيا يُعدّان من المواقف المشرفة التي ترتقي إلى مستوى الواجب الديني والإنساني، في مقابل موقف “مخزٍ ومؤسف” اتخذه الأزهر الشريف، حين أصدر بيانًا يُدين فيه جرائم الاحتلال الإسرائيلي ثم عاد وسحبه وحذفه، في مشهد صادم يُعبّر عن مدى خضوع بعض المرجعيات الدينية لحسابات سياسية زائفة، ومجاراتها لإرادة الأنظمة المتواطئة مع العدو.

وأكد أن هذا التراجع من قبل الأزهر ليس مجرد زلة إعلامية، بل يمثل نموذجًا لحالة أوسع من السكوت والتثبيط يمارسها كثير ممن يُفترض أنهم علماء الأمة، والذين – بدلاً من أداء واجب النصرة – انشغلوا بتبرير الصمت وتزيين التطبيع.

فتاوى مزدوجة.. وموازين مقلوبة 

وانتقد السيد القائد بشدة الفئة التي ما تزال تمارس “التثبيط العلني” تجاه ما يجري في غزة، وهم أنفسهم – كما قال – من كانوا أبواق فتنة فيما مضى، يطلقون فتاوى الجهاد في ساحات الصراع الطائفي كسوريا والعراق وليبيا، حينما كان ذلك يخدم مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية.

وقال: “إن من يثبط عن نصرة غزة اليوم، هم من كانوا بالأمس يصدرون الفتاوى بوجوب الجهاد في وجه إخوتهم من المسلمين، ما يكشف عن خطورة الدور الذي لعبته بعض المؤسسات الدينية في تضليل الأمة وتفكيك نسيجها”.

الصهيونية… المشروع العالمي للإفساد والاستعباد

وفي جزء آخر من خطابه، قدّم السيد الحوثي قراءة استراتيجية لطبيعة المشروع الصهيوني، مؤكدًا أن الصهيونية ليست مجرد كيان محلي محتل لفلسطين، بل حركة عالمية منظمة ذات جناحين: أمريكي وإسرائيلي، تسعى للهيمنة على البشرية، وتقسيم العالم بين قلة مرفهة وبقية مهددة بالإبادة.

وقال: “الحركة الصهيونية عدوانية، إجرامية، واستعبادية، تستهدف العرب أولًا، ثم بقية المسلمين. وهي الوريث الطبيعي للاستعمار الكولونيالي القديم، تحمل أطماعه نفسها، وتسعى إلى نهب الشعوب، ومصادرة حرياتها، وطمس هوياتها، وتفكيك قيمها”.

وأكد أن ما يحدث اليوم في غزة هو التطبيق الحرفي لأفكار “الإبادة” و”الاستعلاء العرقي” التي تروج لها نخبة صهيونية تسعى للسيطرة على الموارد وفرض ثقافة الاستعباد العالمي.

عجز رسمي عربي وتطبيع مخزٍ

وعن الموقف العربي منذ نكبة 1948، قال السيد القائد إنه كان ضعيفًا، هشًا، غير منظم ولا يرتقي إلى مستوى التحديات، وقد استمر هذا العجز حتى وصل إلى مرحلة “التطبيع المفضوح”، الذي لم يعد مجرد علاقة سياسية، بل “شراكة مع العدو في ظلمه وعدوانه”.

وأضاف أن التطبيع مع العدو الإسرائيلي لا يمكن تبريره بأنه تعاون مصالح، لأن هذا الكيان لا يحمل للأمة ذرة من الاحترام، ويستبيحها بكل حقد ووحشية.

وأكد السيد أن العدو الصهيوني يشعر اليوم بالطمأنينة، ليس فقط لقوة ترسانته العسكرية، بل لثقته في عدم وجود موقف عربي أو إسلامي جامع يردعه أو يهدد استمراره في ارتكاب الجرائم.

قد يعجبك ايضا