تغيير المناهج..سيرك التطبيع السعودي مع العدو الصهيوني يبدأ بالتعليم والثقافة ..إزالة المواد الإسلامية التي تكرس العداء للصهاينة وحذف الحقائق التاريخية عن جرائمهم في فلسطين

إزالة المواد الإسلامية التي تكرس العداء للصهاينة وحذف الحقائق التاريخية عن جرائمهم في فلسطين

تغيير المناهج..سيرك التطبيع السعودي مع العدو الصهيوني يبدأ بالتعليم والثقافة

استبدال “العدو الصهيوني” و “الاحتلال الإسرائيلي” بـ “الجيش الإسرائيلي” و”الحرب الفلسطينية 1948م” بدلًا من النكبة الفلسطينية

قدّمت الكتب المدرسية السعودية النتائج الإيجابية للانتفاضة الفلسطينية إلا أن القسم أُزيل بالكامل من نسخة هذا العام

التعديلات شملت نحو 300 كتاب مدرسي سعودي كما حذفت المواد التي تتهم إسرائيل بإضرام النار في المسجد الأقصى عام 1969م

“اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية” قامت بدراسة مجموعة منتقاة من الكتب المدرسية في السعودية لمنهج 2017-2018م
واقترحت تغيير مناهج التعليم وتقديم “إسلام أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي لإتمام التطبيع

بات النظام السعودي مستعداً للتطبيع مع الكيان الصهيوني أكثر من أي وقت مضى وما يفصل الإعلان الرسمي عن ذلك سوى تهيئة الأرضية الشعبية المناسبة للقبول باليهود المعتدين على المقدسات الإسلامية، عبر بعض الترتيبات الحكومية المختلفة، ومنها تعديل المناهج الدراسية بما يتوافق مع طبيعة المرحلة التي تحتم على نظام آل سعود الاعتراف بالصهاينة والترحيب بهم في أرض الحرمين، بعد أن كانوا طيلة السنوات الكثيرة الماضية يدَّعون انهم حماة الإسلام وحراس العقيدة ويحملون على عاتقهم خدمة مقدسات المسلمين في جميع تراب الدول الإسلامية ومنها بيت الله الحرام ومدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليست تلك النوايا الخبيثة لموالاة أعداء الله ورسوله والمسلمين وليدة اللحظة، فقد بدأت منذ فترة التطبيع الإماراتي البحريني ولكن من تحت الطاولة وبالفعل دنّس الصهاينة أعظم مقدساتنا الإسلامية في أرض نجد والحجاز، كما فعلوا تماماً في المسجد الأقصى الشريف بتواطؤ تلك الأنظمة المحسوبة على الإسلام وعلى أنها في مقدمة من يدافع عن قضايا الأمة ومقدساتها وهم في الأصل أعداء لله ورسوله والمسلمين.
“الثورة” تستعرض المراحل التي تمر بها عملية تغيير المناهج الدراسية لخدمة المشروع الصهيوني الذي يقدمه نظام محمد بن سلمان لأوليائه اليهود والنصارى وقوى الاستكبار العالمي…

تشهد المناهج التعليمية السعودية منذ زمن قريب عدداً من التغييرات بحسب طبيعة المرحلة فلم تستمر الكتب المدرسية في السعودية في السنوات الأخيرة في متابعة التطورات القادمة من اليمن وطبيعة العلاقات الخارجية للمملكة، فعلى سبيل المثال، عندما دخلت العلاقات بين السعودية وتركيا في مرحلة التوتر عام 2019م، أُجري عدد من التغييرات في كتاب التاريخ العام فيها في فقرة الحكم العثماني، حيث تم تعديل تلك التغييرات وطرأ على وصفة الحكم العثماني من “الإمبراطورية العثمانية” إلى “الاحتلال العثماني”، كما يجب تركيزها خاصة على الممارسات العدائية التي مارستها الدولة العثمانية ضد الدولة السعودية، مثل دعمها لبعض القيادات المحلية ضد الملك عبدالعزيز، ونتيجة لذلك تم تحرير الدرعية والمدن التجريبية، إضافةً إلى تحرير الملك عبدالله بن سعود واغتياله بعد نقله إلى إسطنبول، كما ورد في المنهج.

مناهج تُمهد للتطبيع
لم يكن التغيير في مناهج الكتب الدراسية في السعودية سياسية فقط، بل جاءت مختلفة اجتماعيا، إذ شهدت فجأة تغيرات في موضوعات تتراوح بين الجنسين في مختلف جوانب الحياة إلى تعديل الحوار، بما في ذلك مع الابتكار الذي تبنته منذ السعودية منذ سنوات حتى وصلت إلى التغييرات الأخيرة في المنهج الدراسي السعودي، حيث ظهرت حزمة جديدة من التغييرات على النسخة الأخيرة من الدراسي، أثارت الانتباه لحجمها ووضوحها وتوقيتها، إذ جاءت في ضوء الأحاديث عن محاولة الولايات المتحدة تمهيد الطريق نحو التطبيع الرسمي بين السعودية وإسرائيل، وهي تغييرات تتعلق بالحركة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإعادة تعريف النظرة العامة لإسرائيل.

إسرائيل في المناهج الجديدة؟
بحسب تقرير أصدره في شهر يونيو الفائت معهد IMPACT-se، وهو منظمة بحثية وسياسات دولية تراقب وتحلّل مجال التعليم في جميع أنحاء العالم، أجريت عشرات التغييرات على مختلف الكتب الدراسية السعودية في نسخة العام الدراسي الأخير، تراوحت بين تغييرات جاءت تماشيًا مع تحديثات الجهاز الاصطلاحي السياسي في الصحافة والإعلام، مثل استبدال “العدو الصهيوني” بـ “الاحتلال الإسرائيلي” أو “جيش الاحتلال الإسرائيلي”، وصولًا إلى إضافة مصطلحات مثل “الحرب الفلسطينية 1948م” بدلًا من النكبة الفلسطينية، وفي درس عن الشعر في كتاب اللغة العربية للمرحلة الثانوية، حذف الكتاب المدرسي لعام 2022م موضوع “معارضة الاستيطان اليهودي في فلسطين” من أمثلة الشعر الوطني، وأزال الفقرة المتعلقة بالشعر السياسي كليًّا، فيما كانت النسخ السابقة من الكتاب تعلّم الطلاب أنواعًا مختلفة من الشعر، بما في ذلك الشعر الوطني، المتمثل في موضوع “معارضة الاستيطان اليهودي في فلسطين”، والشعر السياسي الذي تجسد في موضوع “احتلال اليهود للأرض المقدسة”.

مناهج تُدين فلسطين
في الصفحتين 239-240 من كتاب الجغرافيا الخاص بالمرحلة الثانوية، كانت هناك خارطتان للمنطقة، وفيهما تم تحديد اسم “فلسطين” على الأراضي الفلسطينية، إلّا أنّ اسم فلسطين أزيل في النسخة الأخيرة من الكتاب، ولم يتم وضع اسم أي دولة عليها، لا فلسطين ولا إسرائيل، وفي الصفحة 79 من كتاب الدراسات الاجتماعية الخاص بالمرحلة التعليمية نفسها، تمت إزالة واجب منزلي في الإصدار الجديد لعام 2022-2023م الدراسي يطلب من الطلاب “ذكر أحد المزاعم الصهيونية المتعلقة بحقهم في أرض فلسطين العربية”، ودحضها بالوثائق التاريخية أو الدينية، وقد تنطوي هذه التغييرات جميعها على فكرة حجب الحقائق أو التعتيم عليها، والذي يمكن أن يندرج في خانة التضليل، لأنّه يقوم على حجب معلومات عن الجمهور وتوجهيهم حسب الأيديولوجية المُراد تبنّيها أو فرضها من خلال المحتوى الموجّه الذي يتم تقديمه، بينما يكون للحقيقة غالبًا وجه أو أوجه أخرى قد تكون مغايرة تمامًا.

وقائع تاريخية
وهناك أيضاً تغيير مسميات وقائع تاريخية فلسطينية في مناهج السعودية، كما لم يعد الكتاب يحتوي على قسم يصف النتائج الإيجابية للانتفاضة الأولى التي قامت نهاية ثمانينيات القرن العشرين، فبين عامي 2019 و2021م، قدّمت الكتب المدرسية السعودية النتائج الإيجابية للانتفاضة، والتي تضمنت: زيادة التعاطف الدولي تجاه الفلسطينيين، وفضح الديمقراطية المزورة للعدو الصهيوني، وإنهاء الاعتماد الفلسطيني على الاقتصاد الإسرائيلي وبدء الهجرة المضادة من إسرائيل، إلا أن القسم أُزيل بالكامل من نسخة هذا العام، وعليه تم تخفيف التمثيل الإيجابي للانتفاضة بشكلٍ كبير، الأمر الذي يردده الإعلام الإسرائيلي باستمرار.. كما تجدر الإشارة إلى أن الكتاب المدرسي الجديد يركز على استخدام مصطلحي “جيش الاحتلال الإسرائيلي” و “المحتلين الإسرائيليين” فقط في سياق ما يصفها بـ “الحرب الفلسطينية عام 1948م”، وفي ذكر مصطلح “حرب” عند الإشارة إلى ما حدث عام 1948م، بدلًا من استخدام مصطلح “النكبة” المُعتمد من قبل الأمم المتحدة، إشارة لوجود جيشين متكافئين أعلنا الحرب تجاه بعضهما البعض، فيما أن الوقائع تشير إلى أن إسرائيل طردت بشكلٍ منهجي أكثر من 700 ألف فلسطيني من ديارهم وأراضيهم لتقيم مستوطناتها فيها وتعلن استقلالها، كما تميل الروايات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، لاستخدام هذا الوصف لتعزيز روايتها القائلة بتفوق الجيوش العربية على “الفرق اليهودية الصغيرة” حينها، حريق المسجد الأقصى عام 1969م ولم يعد الكتاب يعترف بتورّط إسرائيل في حريق المسجد الأقصى عام 1969م، إذ ألغيت عبارة تقول إنّ منظمة التعاون الإسلامي قد تأسست إثر “الحريق الإجرامي الذي ارتُكب على يد عناصر صهيونية في مدينة القدس المحتلة”، وتم الاكتفاء بتاريخ تأسيس المنظمة وأهدافها، لكن تأسيس المنظمة لم “يتزامن” مع حادثة حرق المسجد الأقصى، وإنما بحسب صفحة تاريخ المنظمة على موقعها الرسمي، فإنها تأسست “بقرار صادر عن القمة التاريخية التي عُقدت في الرباط بالمملكة المغربية في 12 من رجب 1389 هجرية (الموافق 25 من سبتمبر 1969 ميلادية)، ردًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة”.

الكيان الصهيوني
وفي الصفحة 65 من الكتاب، تم تغيير فقرة كانت بعنوان “محاولة إنشاء الكيان الصهيوني” في نسخة 2021م إلى “الانتداب البريطاني لفلسطين” في طبعة 2022م، كما خففت النسخة المحدثة من التدخل البريطاني في العملية، في حين قللت من أهمية السيطرة اليهودية على أجهزة دولة إسرائيل الناشئة واقتصادها، كما تمت إزالة التصريحات المتعلقة بـ “تعيين عدد كبير من اليهود في مناصب رفيعة” من قبل البريطانيين، و”تسهيل شؤون اليهود لتنظيم أنفسهم وتدريبهم على استخدام الأسلحة النارية”، و “دعم اليهود اقتصاديًا وعسكريًا”، وحذفت طبعة 2022م بيانًا مفاده أن المفوض السامي الأول لفلسطين هربرت صموئيل كان يهوديًا، تأتي هذه التغييرات في المنهاج السعودية، في ظل أحاديث عن مساعٍ من أطراف عدة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وذلك بعد حصول مبادرات مختلفة مثل السماح للطائرات الإسرائيلية بالعبور فوق الأجواء السعودية، ويبقى التساؤل ما إذا كانت تلك التعديلات التي طرأت على المناهج السعودية جزءًا من تحول في السياسة السعودية وفي نظرتها تجاه الصراع العربي الإسرائيلي؟

الحلقة الأخيرة
تغيير المناهج الدراسية السعودية يمثل الحلقة الأخيرة قبل التطبيع العلني مع إسرائيل حيث أكدت تقارير لمواقع أبحاث عالمية أن عمليات تغيير المناهج في السعودية كانت بأوامر مباشرة من المؤسسات الأمريكية و”الإسرائيلية” والتي رافقتها عمليات رصد وتقييم مستمر، وأن محمداً بن سلمان يمثل أداة أمريكية و”إسرائيلية” لتغيير المناهج في السعودية التي تشهد تغييرات واسعة وجوهرية في مناهجها التعليمية خصوصًا ما يتعلّق بالمفاهيم الإسلامية والتاريخية.
وكشف معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي عن إقدام السعودية على إزالة الإشارات المعادية لليهود من مناهجها الدراسية، وأكد التقرير ان التعديلات شملت نحو 300 كتاب مدرسي سعودي كما حذفت المواد التي تتهم إسرائيل بإضرام النار في المسجد الأقصى عام 1969م، وفي هذا السياق، لفت التقرير إلى أنه “تمت إزالة الإشارات إلى اليهود على أنهم قرود وخنازير يعبدون الشيطان ووصفهم بأنهم خونة بطبيعتهم وأعداء لدودين للإسلام”، وقال الموقع في تقريره إنه بينما أزيلت هذه المواد المعادية لإسرائيل، لا تزال مواد حول “استخدام الصهاينة للنساء والمخدرات ووسائل الإعلام من أجل تحقيق أهدافهم ومؤامراتهم التي تخطط إسرائيل بموجبها لتوسيع حدودها من نهر النيل في مصر الفرات في العراق”، جاء هذا بحسب تحليل أجراه معهد البحوث والسياسات الدولي IMPACT-SE في لندن، المقرب من إسرائيل، والذي عرض التغييرات التي طرأت على نحو 300 كتاب مدرسي سعودي، تجاه إسرائيل، في السنوات الخمس الماضية، وأوضح المعهد أن السعودية حذفت من المنهاج قصيدة تعارض الاستيطان اليهودي في فلسطين، كما حذفت السلطات السعودية، وفق معهد البحوث والسياسات الدولي، “ما يتهم إسرائيل بإضرام النار في المسجد الأقصى عام 1969م”، وما يشير إلى أن “أسباب بدء إسرائيل حرب الأيام الستة كانت رغبتها في السيطرة على الأماكن المقدسة للإسلام والمسيحية في القدس، وآبار النفط في شبه جزيرة سيناء”.

رؤية أمريكية
سبق وأن قامت “اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية” بدراسة مجموعة منتقاة من الكتب المدرسية في السعودية لمنهج 2017-2018م وقارنتها مع نسخ من الفترة 2012-2014م، ففي نهاية 2017م ناقش الكونجرس الأمريكي قانونًا يُلزم وزير الخارجية الأمريكي تقديم تقرير سنوي للجنتي الشؤون الخارجية في النواب والشيوخ عن جهود السعودية في تعديل مناهجها التعليمية وإزالة ما وُصف بـ “الفقرات التحريضية التي تشجّع على العنف”، كما تمّ مناقشة الأمر مرة أخرى عام 2019م.
وكان اجتماع للجنة الشؤون الخارجية الأمريكية قد انعقد في مارس 2018م أجاب فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون عن كيفية تنفيذ السعودية “الاتفاق” الذي تم بعد زيارة ترامب للرياض ولقاء بن سلمان، والمتعلّق بتغيير مناهج التعليم وتقديم “إسلام أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي، وهذا الاجتماع يؤكد تدخل واشنطن المباشر في تغيير مناهج التعليم وأن هناك “اتفاقاً” بخصوص ذلك تم بعد زيارة ترامب للمملكة وأن الهدف منه تقديم “إسلام” من المنظور الأمريكي.

حملات ممنهجة
يُذكر أن حملات التغيير المكثّفة بدأت في مارس 2018م مع إعلان وزير التعليم أحمد العيسي أن الوزارة تعمل على “محاربة الفكر المتطرف” بإعادة صياغة المناهج الدراسية، كما كشف عن الاستعانة بـ “الرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال الصغار”.
وفي عام 2020م بدأت الحملة الثانية في تغيير المناهج، وسط احتفاء الإعلام الغربي، حيث قالت الديلي تليغراف أواخر 2020م إن هناك “طفرة في التوجهات السعودية مع حذف معاداة السامية والتشدد الإسلامي من المناهج التعليمية”، كما أكدت الواشنطن بوست في يناير 2021م أن السعودية حذفت “ببطء وتدريجيًا المحتوى المرفوض” من الكتب المدرسية.
والبصمات “الإسرائيلية” كانت واضحة وحمل لواءها مركز Impact-SE في القدس المحتلة المتخصّص بمراقبة محتوى الكتب المدرسية، حيث كشف تقرير للمركز نشرته الواشنطن بوست عن إشادته بخطوات المملكة في حذف كل الآيات والأحاديث التي تتعلق بمعاداة اليهود ومحاربتهم.
ومع توالي كشف ما تمّ حذفه من المناهج التعليمية، يؤكد المراقبون أن الهدف ليس محاربة “التطرّف” الذي يدّعيه بن سلمان، بل هو لاستبدال معاداة الصـهيونية والاحتلال بالتعايش والسلام معها.

 

 

الثورة / احمد السعيدي

قد يعجبك ايضا