دراسة بحثية : تغييراتٌ صادمةٌ وفاضحةٍ في المناهج الدراسية السعوديّة: تبرئةُ الكيان الصهيوني من جرائمه في فلسطين + إزالةُ العداء لليهود من المقرّرات الدينية +إزالةُ مواضيع وآيات الجهاد وتعديلها +انقلابٌ كاملٌ على الهُــوِيَّة

تغييراتٌ صادمةٌ وفاضحةٍ في المناهج الدراسية السعوديّة:

تبرئةُ الكيان الصهيوني من جرائمه في فلسطين + إزالةُ العداء لليهود من المقرّرات الدينية +إزالةُ مواضيع وآيات الجهاد وتعديلها +انقلابٌ كاملٌ على الهُــوِيَّة

 

نشرت منظمةُ “إمباكت سي” التابعة لنفوذ العدوّ الإسرائيلي في بريطانيا دراسةً سلَّطَت فيها الضوءَ على تغييراتٍ فاضحةٍ أجراها النظام السعوديّ على محتوى المناهج الدراسية في المملكة؛ انسجاماً مع توجُّـهِ التطبيع مع الكيان الصهيوني، حَيثُ تتبعت الدراسةُ نماذجَ من المحتوى الديني والثقافي والتاريخي الذي يتناول مسألة الصراع مع اليهود والصهاينة، والذي تعرض: إما للإزالة التامة أَو التعديل بما يضمن تجنُّبَ التعبئةِ العدائية ضدهم؛ وهو الأمرُ الذي يأتي بالتوازي مع اندفاع النظام السعوديّ لإقامة علاقات مع كيان العدوّ، وُصُـولاً إلى التطبيع الرسمي.

إزالةُ العداء لليهود من المقرّرات الدينية:

التغييرات الفاضحة التي أجراها النظام السعوديّ على المناهج الدراسية طالت بشكل رئيسي المقرّرات الدينية التي تحتوي على نصوص ومواضيع متعلقة بالصراع مع اليهود والصهاينة؛ باعتبار أن الإسلامَ تناول هذه القضية بشكل واسع.

وفي نموذج لهذه التغييرات، تظهر الدراسة أن النظامَ السعوديّ قام بحذف عبارات وآيات وأحاديثَ توضح صفات اليهود كعصيان الأوامر الإلهية، والإساءة إلى الله، وتتحدث عن دخولهم النار، حَيثُ ورد في النسخ السابقة من المقرّرات الدينية أن “عدم الطاعة هو خلق اليهود الذين قال الله عنهم: (وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا)”، وأن “اليهود وصفوا الله بما لا يليق به، كما قال تعالى: (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)”، لكن النسخ الجديدة من هذه المقرّرات جاءت خالية تماماً من هذه العبارات والآيات.

وتظهر الدراسة التي نشرتها  “المسيرة  ” قيام النظام السعوديّ بإزالة مواضيعَ ونصوصٍ أُخرى كانت تتحدث أن “أهل الكتاب كفروا برسالة النبي صلوات الله عليه وآله، برغم قيام الحجّـة عليهم”، وأن “امرأة يهودية حاولت قتل النبي بشاة مسمومة”، بالإضافة إلى آيات قرآنية تتحدث عن تحريم “موالاة الكفار”، كما تمت إزالة فقرة تتحدث عن ضرورة “تنقية الأذهان من الخرافات والإسرائيليات التي تفسد العقائد والعبادات وتمزق الأُمَّــة”.

وتظهر الدراسة أَيْـضاً أنه تم حذفُ موضوع كامل كان يتحدث عن استهداف الصهاينة للمسجد الأقصى منذ عهد نبي الله عيسى ومحاولتهم لقتله -عليه السلام-، ونيلهم من قدسية المسجد، إضافة إلى قتلهم عدَدًا من الأنبياء.

وفي نماذج أُخرى للتغييرات، لجأ النظامُ السعوديّ إلى حذفِ وإزالة عبارات ونصوص تتعلق بالتأريخ الإسلامي، حَيثُ تقول نسخة عام 2019 من المنهج: إن سبب غزوة الخندق كان “تحريض اليهود كفار قريش وقبائل أُخرى على غزو المسلمين”، فيما تقول نُسَخُ الأعوام السابقة من نفس المقرّر وفي نفس الدرس أن سببَ الغزوة هو “تحَرّك كفار قريش وقبائل أُخرى لغزو المسلمين”، حَيثُ تمت إزالة العبارة التي تشير إلى دور اليهود بشكل فاضح.

وفي السياق نفسه، تظهر الدراسةُ أن النظامَ السعوديّ حذفَ موضوعًا كان يتحدَّثُ عن دور اليهود في مقتل الخليفة عثمان بن عفان، حَيثُ كان الموضوعُ يشير إلى أن “عبد الله بن سبأ اليهودي” لعب دوراً رئيسياً في “الفتنة” التي شهدها العالم الإسلامي آنذاك.

وفيما كانت نسخة عام 2019 من مقرّر التوحيد، تقدم مثالاً على جريمة الإساءة إلى الله، بقول اليهود “إن يد الله مغلولة”، فَــإنَّ النسخ اللاحقة من نفس المقرّر حذفت الإشارة إلى اليهود تماماً؛ وهو نفس الأمر الذي حدث مع مثال آخر ورد في مقرّر الحديث نسخة عام 2019 ضمن موضوع عن “حفظ الله للأنبياء”، حَيثُ يذكر المثال حماية الله لنبيه عيسى عليه السلام “عندما أراد اليهود قتله” وقد تمت إزالته في النسخ اللاحقة تماماً.

وتذكر نسخة عام 2020 من مقرّر التوحيد أن اليهود عبدوا الطاغوت، في سياق شرح آيات تحذر من الشرك”، لكن نسخة العام اللاحق، استبدلت كلمة اليهود بـ”الأمم السابقة”؛ وهو ما تعرض له موضوع آخر تحدث عن أن اليهود حاولوا قتلَ نبي الله عيسى -عليه السلام-، حَيثُ تم تغيير العبارة إلى أن “بعض قومه تآمروا عليه”.

ولم يكتفِ النظام السعوديّ بإزالة النصوص والمواضيع المتعلقة بالصراع مع الصهاينة، بل أزال أَيْـضاً النصوص التي تؤكّـد على وسطية الدين الإسلامي، حَيثُ تظهر الدراسة أنه تم حذف موضوع كان يقول: إن “الإسلام دين وسط في عقيدته ومنهجه وأحكامه وعباداته وشرعه…”، وأنه “جانب غلو النصارى وتفريط اليهود”، وتمت إزالة آية قرآنية كانت ضمن الموضوع وهي قوله تعالى: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً”.

إزالةُ مواضيع وآيات الجهاد وتعديلها:

وتوضح الدراسة أن من ضمن المواضيع التي تعرضت للإزالة بشكل واسع، تلك التي تتحدث عن فريضة الجهاد في سبيل الله، حَيثُ أقدم النظام السعوديّ على إزالة موضوع بعنوان “فضل الجهاد” بما في ذلك عدة آيات قرآنية يتضمنها وأحاديث نبوية”، إلى جانب نصوص وعبارات أُخرى تتحدث عن تفاصيل بعض الغزوات التي خاضها المسلمون مع النبي صلوات الله عليه وآله.

وتظهر الدراسةُ أنه تمت إزالة موضوع بعنوان “الحالات التي يتعين فيها الجهاد” وهو موضوع كان يتضمن آيات قرآنية، كقوله تعالى: “إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ”، وقوله تعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ”، وآيات أُخرى تمت إزالتها بالكامل إلى جانب موضوع آخر بعنوان “متى يكون القتال جهاداً في سبيل الله”، وموضوع آخر عن تعريف الجهاد اصطلاحاً.

وإلى جانب الإزالة التامة، تعرضت بعضُ المواضيع التي تتحدث عن الجهاد إلى حذف أجزاء معينة منها، حَيثُ أوردت نسخة مقرّر الحديث للصف السابع لعام 2020 حديثاً نبوياً عن فضل الجهاد في سبيل الله، وكان الحديث مرفقاً بتعريف للجهاد يتضمن قوله تعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ” لكن الآية والتعريف تعرَّضا للحذف في نسخة عام 2021.

تبرئةُ الكيان الصهيوني من جرائمه في فلسطين:

ولا يقفُ الأمرُ عند هذا الحد، حَيثُ طالت التغييراتُ الفاضحة بشكل مباشر المواضيع التي كانت تتحدث عن جرائم العدوّ الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية في فلسطين، حَيثُ تظهر الدراسة أنه تمت إزالة موضوع كامل عن ما يتعرض له الفلسطينيون من تشريد وطرد من ممتلكاتهم وبيوتهم وإقامة مستوطنات صهيونية على أراضيهم، وأنه يجب على الأُمَّــة الإسلامية مساندة الشعب الفلسطيني ووضع حَــدّ لانتهاكات اليهود واعتداءاتهم على المسجد الأقصى.

وتظهر الدراسة أن النظام السعوديّ قام أَيْـضاً بإزالة موضوع كامل بعنوان “محاولات هدم اليهود للمسجد الأقصى وبناء الهيكل” يتحدث عن أكذوبة “هيكل سليمان” وعن مساعي الصهاينة لهدم المسجد تحت عنوان هذه الأكذوبة، ومحاولاتهم لإلهاء وإشغال الرأي العام عن الحفريات التي يقومون بها تحت المسجد.

وطالت عمليات الحذف أَيْـضاً موضوعاً بعنوان “المسجد الأقصى في ظل الإسلام” كان يتحدث عن عناية المسلمين بالمسجد، وينفي وجود أي دور “لليهود والنصارى” في العناية به، كما تم حذف نشاط للطلاب لذكر نماذج من “اعتداءات اليهود” والحديث عن “وسائل لنصرة الأقصى”.

وحتى “الدعايات” التي كان النظام السعوديّ يروِّجُها في المناهج الدراسية بشأن اهتمامه بالقضية الفلسطينية تم حذفها، حَيثُ تظهر الدراسة أنه تمت إزالة موضوع كان يتحدث عن مكانة المسجد الأقصى، ويزعم أن “المملكة السعوديّة تضع القدس وفلسطين في أولوياتها، وتقوم بنصرة قضية فلسطين عبر المنظمات والدعم المالي…”.

انقلابٌ كاملٌ على الهُــوِيَّة:

النماذج التي وردت أعلاه والتي تناولتها دراسة المنظمة البريطانية، تؤكّـد بشكل واضح أن النظام السعوديّ لا يسعى فقط للتمهيد للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بل يسعى لتبنِّي مشروعه الاستعماري بشكل كامل، وتقديمه كبديل عن مشروع الهُــوِيَّة الإسلامية العربية، وما تتضمنه من مبادئ والتزامات وقيم وثقافة.

هذا أَيْـضاً ما تؤكّـدُه سلوكياتُ النظام السعوديّ فيما يتعلق بمحاولة استنساخ مظاهر الحياة الغربية وفرضها كأمر واقع داخل المملكة برغم مخالفتها لأعراف المجتمع وقيمه، كما أنها تنتهكُ حُرمةَ المقدسات الإسلامية في السعوديّة بشكل صارخ؛ لأَنَّ هذه السلوكياتُ لا تبدو متعلقةً فقط بصفقة التطبيع التي لم يعد هناك حتى محاولات لإخفاء الاندفاع السعوديّ نحوها، بل تبدو ذات علاقةٍ أكبرَ بمساعي تغيير هُــوِيَّة المجتمع وإعادة تشكيله وتدجينه بشكل كامل.

 

قد يعجبك ايضا