شبكة تطبيع عابرة للصراع: الإمارات وتوسيع مسارات الربط مع الكيان الصهيوني رغم العدوان على غزة 

الحقيقة ـ جميل الحاج

في ذروة العدوان الإسرائيلي على غزة، وبينما كان البحر الأحمر يشهد واحدة من أكثر لحظات التوتر حساسية بفعل عمليات القوات المسلحة اليمنية التي فرضت حصاراً بحرياً على السفن المتجهة نحو مؤاني فلسطين المحتلة، ظهرت رواية جديدة في الإعلام العبري تكشف جانباً آخر من المشهد.

قناة I24 تحدّثت عن استمرار العمل في مشروع القطار الذي يربط الإمارات بـ “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن وزيرة المواصلات الإسرائيلية نفسها زارت أبو ظبي نهاية الأسبوع الماضي لاستكمال ترتيبات المشروع، الذي من المفترض أن يمتد عبر السعودية والأردن أيضاً.

 مسارات جديدة رغم نار الحرب

السردية التي تحملها هذه المعطيات تُظهر أن أبو ظبي لم تُجمّد خطط التطبيع حتى في ظل أكثر الفترات حساسية، بل تواصل الدفع نحو مشاريع عابرة للحدود، تتجاوز الحرب نفسها.

ففي الوقت الذي تتعرض فيه “إسرائيل” لضغط  عبر فرضها حصار بحري غير مسبوق وتنفيذ عمليات عسكرية يمنية، والتي شكلت صعوبات في خطوط إمدادها التجارية للعدو الإسرائيلي، تبرز خيانة الإمارات كطرف يعيد فتح “منافذ برية” لتوفير مسارات بديلة.

هنا تتجاوز القصة حدود التطبيع الثقافي والاقتصادي، لتتحول إلى مؤشر سياسي حاد: الإمارات ليست فقط متمسكة باتفاقات التطبيع القائمة، بل تتحرك لتوسيعها في لحظة اختناق إسرائيلي.

 جسر بري.. وممر إستراتيجي

يستحضر التقرير العبري حديثاً واسعاً عن الجسر البري الإماراتي، أي توريد السلع والبضائع عبر طرق برية وبحرية بديلة ما يُفهم منه أن أبو ظبي تلعب دوراً محورياً في توفير خطوط إمداد لكيان الاحتلال الإسرائيلي في ظل الحصار البحري.

هذا الجسر لا يقتصر على الشحنات التجارية، بل يتداخل مع مشروع القطار الإقليمي الضخم، الذي يُقدَّم باعتباره حجر الزاوية في شبكة لوجستية جديدة تربط الخليج بالمتوسط دون المرور بممرات بحرية باتت ورقة ضغط على العدو الإسرائيلي.

وجاءت زيارة وزيرة المواصلات الإسرائيلية للإمارات في هذا التوقيت ليست تفصيلاً جانبياً، بل تعبير عن إصرار إسرائيلي على تأمين خطوط بديلة للمرور والتجارة، ورسالة إقليمية ضمنية بأن مشاريع التطبيع لا تتوقف حتى في أشد لحظات الحرب.

وخلال الزيارة قالت “يديعوت أحرونوت” أن الوزير الإسرائيلي عقد اجتماع، استمر لساعات طويلة، تمحور حول إعادة إطلاق مشروع “سكة السلام”، وهي سكة حديدية من المفترض أن تستورد البضائع من الهند إلى ميناء أبو ظبي، ثم تنقلها بقطار سريع من الميناء عبر دبي والمملكة العربية السعودية والأردن إلى ميناء حيفا – ومن هناك يتم توزيعها بالسفن إلى أوروبا والولايات المتحدة.

 السعودية والأردن.. العقدتان الصامتتان

مرور القطار عبر السعودية والأردن يمنح المشروع بعداً إضافياً:

من جهة، الرياض تسير ببطء نحو ترتيبات إقليمية كبرى للتطبيع مع العدو الإسرائيلي رغم غياب إعلان رسمي.

ومن جهة أخرى، الأردن يجد نفسه أمام شبكة عبور اقتصادية قد تحمل مكاسب مالية، لكنها تتعارض مع القرار الشعبي الغاضب من العدوان على غزة.

وتُستخدم الأراضي الفلسطينية المحتلة ممراً لمشروع عابر للحدود دون أي مؤشرات على وجود موقف فلسطيني في صياغة القرار، الأمر يكشف اختلالاً جوهرياً: مشاريع ضخمة تمر عبر أرض فلسطينية بلا سيادة فلسطينية، وبلا ضمانات سياسية، في وقت تتعرض فيه غزة لحصار وعدوان.

ختاماً: إنها خارطة تطبيع لا تعرف التجميد.. بل تبدو وكأنها تسابق الزمن، حتى فوق ركام أهالي غزة.

قد يعجبك ايضا