قائد الثورة: شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) أيقونة المقاومة التي أعادت للأمة الأمل وصاغت معادلة النصر في وجه المشروع الصهيوني
قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الحوثي (يحفظه الله) في المؤتمر الأول لاستشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه:
شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) علامة المقاومة وحتى نهاية العالم الأمل تغلبت على النصر في وجه مشروع القدس
صادق البهكلي
ألقى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في يوم السبت الخامس من ربيع الثاني 1447هـ، الموافق 27 سبتمبر 2025م، كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله، ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين، ورفاقهم الشهداء من حزب الله؛ وقد جاءت الكلمة في سياق تأبيني وتحليلي عميق، جمع بين البعد الروحي والمعنوي للشهادة، وبين البعد الاستراتيجي للمقاومة، حيث تناول السيد القائد مكانة الشهيد نصر الله كقائد استثنائي، ودوره في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وإنجازات المقاومة في تحرير لبنان عام 2000 وانتصار 2006، بالإضافة إلى التحذير من مؤامرات نزع السلاح، وفضح التآمر العربي والحرب الناعمة ضد المقاومة، والتطرق إلى المشهد الدولي وسباق التسلح، وعجز الأمم المتحدة، وأخيراً التأكيد على دور اليمن في محور المقاومة، وأن خيار الجهاد والمقاومة هو الخيار الحاسم للأمة.
في المؤتمر السنوي الأول لاستشهاد شهيد الإسلام والإنسانية، السيد حسن نصر الله، ورفيقه السيد هاشم صفي الدين، ورفاقهم الشهداء من حزب الله، تتجدد لحظة الحزن القومي مع لحظة الاعتزاز التاريخية، حيث يفرض حضورهم بنفسه على وجدان الأمة، وعلى صفحات التاريخ. في كلمته التبينية يالعديد من السيد الرئيس القائد عبد الملك بدر الدين الاتفاق على الفقد، والرسالة الكبرى التي تركها هؤلاء العمال، قائلا: “”وشكراً من جديد بالعزاء إلى كل أُمَّتنا الجماعة الإسلامية، وأصل إخوتنا في الله والمقاومة اللبنانية، والشعب اللبناني. عامٌ مرَّ على استشهادهم ‘رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم’، وأختار حاضرون بقوّة”.
احتفاء شهيد الإسلام والإنسانية السيد / حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، هو:
- حاضرٌ في وجدان الأحرار من كل العالم.
- وحاضر بنهجه الراسخ الذي أرساه في الجهاد والمقاومة.
- وحاضرٌ بقضيته الحقّة، وموقفه.
- وحاضرٌ بثمرة قررت لجهوده، بنت جيلاً مجاهداً، وورع الوعي العالمي والشعور بالمسؤولية على نطاقٍ واسعٍ في أُمَّتنا الإسلامية، وعلى المستوى.
- وحاضر بالنتائج الكبرى والعظيمة والمهمة، التي حقها الله على أيامنا، وبجهاده، وأصبحت راسخةً باستشهاده، وقوية ييان.
وبهذا المكان المخصص، يبرز شهيد الإسلام والإنسانية ليس فقط كرمز لرحلة، بل كفكرة متدرجة في الزمن والزمن، تتطور وتتغير وتنتصر من رحم الهزيمة. وشدد السيد عبد الملك على أن “حسن نصر الله رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، شهيد الإسلام والإنسانية، من المؤكدين النادرين، فيما وهبه الله من مؤهّلاتٍ إلى عظيم، وما حقَّه الله على مدى السنين”، وتابع: “هذا الجيل عايشه، وعاصره، ورأف عليه، وعَرَفَ ما تميّز بهذا القائد العظيم من جهود عظيمة، وصفات رائعة، وما قام به من دورٍ عظيم ومميزٍ في مواجهة التحديات. هو”.
وهنا جاء السيد القائد التوصيف البرازيلي قدم دور القائد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) في هندسة الوعي والقيادة النشطة في المنطقة، جميعهم (رضوان لله) حيث رأى السيد القائد يمثل “صمّام أمانٍ مرئي، ووقف كالجبل الشامخ في مواجهة المشروع [الشرق الأوسط الجديد]، الذي أطلقه جغم (بوش) في عام 2002م، وشَرَع في تنفيذه بعد غزو العراق واحتلها، ويظهر لبنان نقطةً محوريةً في ذلك المشروع، وميثلت حرب 2006م على لبنان، خطوة فارقة في ذلك المشروع”.
ي السيد السيد عبد الملك مؤشرات السياسة الأمريكية عبر وزارة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس الجديد خلال الأيام الأولى من الجريان يوليو 2006: “[ليس لديّ أي مواهب في مهمة دبلوماسية، ما زال الآن هو آلام المخاض لشرق أوسطٍ جديد، ومهما كنا فاعلين، فإنّه يجب علينا أن نتأجه إلى الشرق الأوسط]، ولكن بعد النصر الذي تقَّق للبنان فلأُمَّة، إلى المشروع وتهاوى تحت أشياء المجاهدين في لبنان، ولو وعى ذلك، وأسندوه، وتركوا التآمر عليه؛ لتغيّرت القضايا الأمّة، ولكانت النتائج على مستوى الأمّة بكلّها أكبر وأهم”.
في هذا السياق يقو السيد عبد الملك: ” السعيد الشهيد/حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، كان ولا يزال رعبًا وكابوسًا حقيقيًا للصهينة، لأكثر من أربعة عقود، وغرس في الإيمان مفهوم الهزيمة، بعد عقودٍ من الهزائم السهلة للعرب، صرخته الشهيرة: ((إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت)) ، فرضت نفسها على الثقة بالفكرة، وتهودت إلى هاجس صادقٍ لم تستهدف. الصهاينة قادرة على تحملهم التخَلُّص من ذلك الهاجس، الذي أثبت حالة الضعف ويدفعوي المستمر للكيان جلام الظالم”.
ويلفت السيد القائد إلى الآثار السياسية السلبية التي تركها الشهيد القائد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، إذ أصبح “الأمل للأُمة، بعد أن كادت تصل إلى مرحلة ما بعد، بعد سلسلة الانكسارات، والشيانات، والهزائم، التي كوت وعي الأُمّة، وحطَّمت الكثير نفسياً تجاه الألم”، وكان له “دورٌ رائدٌ ومتقدِّم في: تصحيح المفاهيم. وكسر السَّردية. اليهود فشال الصهاينة الهادفة إلى ترسيخ الحالة الانهزامية والضعف والوهن في الأُمة، وأرسلها مستسلما كليا”.
ويسيدرى القائد أن شخصية الشهيد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) لا يمكن اختزالها في خطاباته أو مواقفه بارزة، بل إن القيمة الصلبة تكمن في وحدة القول والفعل، وفي الاعتراض بين الكلمة والبرلمان. ولهذا يقول قائلاً: “والمسألة ليست فقط بكلماته النيِّرة، وتأثيره الحماسية؛ أثبت كان صوته صوتاً وصدًى لعمله عظيم، وجهودٍ كبيرة، وفعلٍ حقيقي، وإنجازٍ كبير، لم تشهد التاريخ المعاصر مثيلاً، وعجزت جيوشٌ مجتمعة أن تفعل معشار ما صنعه حزب الله”. هكذا يقصد الإعلامي مع التوصيف الأدبي ليصنع صورة للرمز والحدث.
الشهيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ـ كما يرى السيد عبد الملك ـ لا يحتاج إلى مقدمات مطولة أو تعريفات مشهبة، فهو ” غنيٌ عن التعريف كم مجاهد عظيم، وقائدٍ بريطاني محنَّك، وعالمٍ ربَّاني، قضى جُلَّ عمره الكريم في مواجهة العظماء، لخدمة لبنان و” من أهم رسائله ووصاياه، برزته النيِّرة، التي استمرت خالدة مع الأجيال، لت: ((نحن لا نهزم، ننتصر؛ ننتصر، وعندما نستشهد؛ ننتصر، نحن على مشارف أمتي كبيرة، لا يجب أن ننهزم نتيجة سقوط قائد عظيمٍ من قادتنا، ولكن يجب أن نحمل دمه، ورايته، وأهدافه، ونمضي إلى قصده، بازمٍ راسخٍ، وعشقٍ للقاء الله)))، وهذه الكلمة كافية، والتي تحتاج الخلاصة التي يجب أن نعيها جميعًا، كل أحرار هذا العالم، وكل أحرار ما يجب أن يسمعه ثلاثة، وما حدث، وما قد تحقَّق، وما ينبغي العمل وقد بذل قصارى جهده على ذلك.
السيد القائد عبد الملك بدر الحوثي أمام محطات فخورة صنعتها المقاومة اللبنانية، راسمماً لوحة بانورامية للإنجازات التاريخية التي حققتها شهيد الإسلام والإنسانية السيد الشهداء حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ورفاقه الاءاء، ومؤكداً أن تلك الإنجازات لم تكن حكّراً على لبنان، بل امتدت تأثيرها لتشمل المنطقة جميعها، وولت مؤسس لوعي مقاوم جديد في وجه المشروع الأمريكي.
يقول السيد عبد الملك: “ما حقَّه السَّيِّد الشهيد ‘رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ’، ورفاقه الشهداء، وحزب الله، والمقاومة في لبنان، والحاضنة المجاهدة للمقاومة في لبنان، ما تقَّق بجهودهم، وجهادهم، وتضحياتهم، وأعمالهم، وصبرهم، للبنان وللبنان عموما منطقة رائعة، شيءٌ عظيم، وشيءٌ ثابتٌ وواضح”. وبهذا الخصوص، يضع السيد القائد الانتصارات اللبنانية في سياق لغات واسعة، يلامس وجدان الأمة، ويمنحها معنى التجاوز حدود الجغرافيا إلى رحابة التاريخ والمصير.
يستعيد السيد عبد الملك زخم التحرير في العام 2000، ذلك الحدث الذي “كان نصراً عظيماً تاريخياً، لم ينمو مثله للعرب، لم يتحقَّق مثل ذلك النصر، وبعد هزائم متتالية للكومات العربية، والأنظمة العربية، وتمَّ ذلك النصر لكدو عظيم من المساحة الأكبر التي كان يحتلها في لبنان، لم يبقَ إلَّا مناطق محدودة، كـ: (مزارع شبعا)، لبعض المحدودة”. النصر لم يكن مجرد حدث عابر، بل “كان له صداه عالمي، كمية كبيرة جدًا، كمية على مستوى ترسيخ المفاهيم الصحيحة لأُمتنا الإسلامية بشكل عام، والتي ينبغي أن تظل حاضرةً في وعي الأُمَّة، وفي وجدانها”.
لم يتوقف الرصيد عند حدود التحرير، بل شهد الساحة اللبنانية حتى حرب يوليو 2006، حيث جاء الانتصار “عظيماً، وكبيراً، ومهماً، وواضحاً، وكان له مساهمه الكبير جداً في تحقيق ردع عظيمٍ ومستمرٍ للبنان، قدَّم حماية الشعب اللبناني إلى مدى أكثر من سبعة وعشرين فقط، وهي من أقلِّ التأكيد للبنان، وحمايته من النضال من أجل اليهود”. وهنا يلفت السيد عبد الملك إلى أن كل الهدف زعزعة الأقصى في لبنان، أو إثارة الفوضى والمشاكل الاقتصادية، كانت تأتي “من أطرافٍ أخرى، أطراف العب بالأمريكي، بالسفارة الأمريكية، بالمخططات الأمريكية، التي كانت تشن حرباً مكثفَّةً على المستوى الإعلامي، وعلى المستوى الاقتصادي؛ لاستهداف الحاضنة الشعبية لحزب الله والمقاومة في لبنان”.
وبهذا، لم تكن تكنيك الحرب على حرب المقاومة تكتيكيًا، بل كانت حربًا متعددة الجبهات، استهدفت الوعي والبنية الاجتماعية والاقتصادية، محاولة الحاضنة الشعبية وخلق حالة من الشك والاضطراب حول جدوى المقاومة. واخترت أن “ما حق الله ‘سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى’ لحزب الله، وللمقاومة اللبنانية، الحاضنة التي كانت تحتضن المقاومة وتؤيّدها، هو إنجازاتٌ كبرى، تقييد، تحديد، لا يمكن التنكُّر لها، والجحود لها، ومحاولة تضييع هذه الحقيقة، التي هي يقين، حتى لو حاولت بعض الشيء، من خلال حملاتهم الزائفة، الهادفة إلى تزييف”.
ثم يتسع التحليل ليشمل التأثير الواسع لللبنانية، إذ يشدد السيد الزعيم على أن “الانتصار الذي حققه الله ‘سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى’ لحزب الله، بكل مقاومة لبنان، كان له أهمية كبيرة على مستوى حماية المنطقة، في مواجهة الخطر التالي”. بالإضافة إلى: “قد يتم تسجيل الآن وتجلَّى بوضوح، فهؤلاء المشاهير يستهدفون كل هذه الأُمة، كل تنوعها، كل الشعوب، وأن عنوان [الشرق تكوت]، الذي رفعه بشدة (بوش)، المشهور الشهير الشهير، وهو كذلك مشروعٌ مشترك، ومخطط مشترك ما بين أمريكا والإسرائيليين، هو استهدافٌ لهذه الأُمَّة بكلها، للشعوب و forex هذه المنطقة بدون استثناء”.
عبر هذا التوصيف، أصبحت المقاومة من تجربة محلية إلى محددات، ووترتقي بفكرة الجهاد والمواجهة إلى خيار مصيري المرأة الشجاعا. صرح السيد عبد الملك بذلك “الحفاظ على ذلك الإنجاز العظيم، هو بعهدة أُمَّةٍ مجاهدة، وحاضنة وفية، حزب الله عصر الباقية الباقية ومجاهدة عنوانه، جهادٌ في إطارٍ صادق: (إنَّا على العهد)، وفعلاً هذه الأُمَّة المجاهدة ليست وحدها في الساحة، هي جزءٌ منمَةٍ مجاهدةٍ، تقييدٍ، صامدة، بكل ثبات، بكل إيمان، وعي”. ويؤكد أن حزب الله “ليس وحيداً، ولكن يُتْرَك وحيداً، هو جزءٌ من محور، جزءٌ من أُمَّة، هوتونا رائدٌ في هذه الجبهات، التي تجمع وترفع الراية، في مواجهة أخطرٍ إجراميٍ عدوانيٍ يستهدف الإنسانية بكلها، ويستهدف أُمَّتنا الإسلامية في المقدّمة”.
ومع انخفاض الهجمة الإسرائيلية ووضوح همجيتها أمام العالم، يبرز الخيار كخيار المقاومة حتمي، حيث يقول السيد القائد: “الواقع بكل ما فيه من الأحداث ومستجدات، وبالهمجية الإسرائيلية، التي باتت جلاياً أمام كل العالم، تثبت صِحَّة خيار الجهاد والمقاومة، لأنه خيارٌ حتمي، خيارٌ حكيم، خيارٌ صحيح؛ لأنه لم يعد من ثنائي إلَّا خيار الاستسلام”. ويرى أن الأمة الإسلامية والمجتمع العام البشري للاتصالان عند مفترق طرق: “إمَّا أن ترفض هذا فعلياً. أو أن يستسلم”.
ويحذر من أن “المجرمين” لا يستثنون حتى من الرياضيين للتطبيع معهم، بل “ليس بمنأى عن هذا الخطر، الذي يستهدف الجميع”. ولذلك يدعو إلى أن يكون “خيار الجهاد في سبيل الله، والمقاومة، والمواجهة لمخطط القدس، خياراً مهماً، وأن يقبل به الجميع، وأن يدعمه الكل، وفي نفس الوقت أن يكون حافزاً على البناء، حافزاً على تصحيح وضعية هذه الأُمَّة، ولها كل مشاكلها التي يستثمر فيها المعاناة، ويستغلها؛ بهدف تحقيق مخططاته ومؤامراته”.
ولا يكتفى السيد عبد الملك بالدعوة الناشئة، بل يرسم خريطة طريق للنهوض بالأمة، بشكل جماعي إلى “السعي لكلِّ عناصر القوّة في داخل هذه الأُمّة: على مستوى التعاون. على مستوى تظافر الجهود. على مستوى إدراك الحاجة إلى كل ما يزيدنا قوّة لدرء ذلك الخطر، الذي هو خطرٌ على الجميع”.
في المؤتمر الدولي الهجمة الدولية على قوى المقاومة في المنطقة، تبرز دعوات لنزع السلاح في المقاومة وفلسطين، بل وتتسع لتشمل إيران وأرضها، ليدو ذلك “مطلب ومن هو إسرائيلي إسرائيلي، الطبيعي بالنسبة لهم كعداء هاقدين، يسعون إلى تحقيق أهدافهم الشيطانية، ومخططاتهم الإجرامية، إلى الاحتلال على هذه الأُمّة، أن يطلبوا إزاحة أي نوع من أنواع التمييز يمث لهم، وأمامهم”. وبهذه الكلمات، يضع السيد عبد الملك الحوثي يده على جوهر الاستهداف الذي يستطيع مقاومة وسلاحها في المنطقة.
ويسلط الضوء على حقيقة الخيارات أمام الجميع، إذ يقول السيد القائد: “نحن مثل أمة إسلامية، وكشعوب عربية وإسلامية- نحن الأحوج في هذا العالم إلى أن لا نمتلك كل أنواع الأسلحة، والعتاد الحربي يحتاج لمواجهة ذلك الخطر الذي يستهدفنا، نحن أُمَّةٌ مستهدفة، ليست مشكلة في أن لا نملك الأسلحة، أو أي شيء من عناصر القوّة، الثقافة إذ لا نمتلك الأسلحة التي تتعبنا، الذي يوقفه عن عدوانه، هذا ما يمثِّل تحدياً علينا”.
تطرح هذه الرؤية سؤال الدفاع المشروع، وتعيد تعريف الخطر الحقيقي؛ فالخلل ليس في امتلاك السلاح، بل في غيابه حين يكون الردع ضرورة وجودية.
ومن زاوية توصيفية دقيقة، يشدد السيد القائد على أن “السلاح الذي يمتلكه حزب الله مشكلةً على الإسرائيلي، عائقاً له عن احتلال لبنان، عن السيطرة على المنطقة، وأن يكون السلاح الذي بأيدي الإخوة المجاهدين في كتائب القسَّام، والفصائل المجاهدة في قطاع غزَّة، أن يكون عائقاً للعدو الإسرائيلي عن إكمال سيطرته بسهولة على فلسطين، فهذه مسألة لا ينبغي أن تكون إشكالية لدى الأُمَّة نفسها”. هنا يطرح السيد القائد معادلة القوة في مواجهة مشروع الاحتلال، ويستنكر انخراط بعض الأنظمة العربية في ترويج المطالب الغربية: “حتى تنبري أنظمة عربية لتبنِّي الإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، أن يكون مشكلة أمام الإسرائيلي، هذا هو المطلوب، أن يكون عائقاً يعيق العدو الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه المدمِّرة، أهدافه الشيطانية، أهدافه العدوانية، هذا هو المطلوب”.
ويلفت السيد عبد الملك إلى واقع الإنفاق العسكري العالمي، فيقول: “اتَّجهت معظم القوى والدول الأخرى في العالم، إلى رفع مستوى شراء السلاح، وتصنيع السلاح، وإعداد الميزانيات الضخمة والكبيرة من أجل السلاح، الدول الكبرى في الغرب فعلت ذلك، التحالفات الدولية فعلت ذلك، سعت أغلب الدول في العالم إلى رفع إنفاقها العسكري، مستشعرةً الأخطار التي تواجه تلك الدول، كلاً من منطلق أمنه القومي”.
يدعم هذا السرد بأرقام وإحصائيات دقيقة: “الإنفاق العسكري العالمي وفق بعض الإحصائيات هو الأعلى منذ ما اصْطُلِحَ عليه بـ [الحرب الباردة]: في أوروبا: ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة 17%. في روسيا: رفعت كذلك من إنفاقها العسكري بنسبة تصل إلى 38%. كذلك الأمريكي هو صاحب الإنفاق العسكري الأكبر في العالم، ما يقارب (تريليون دولار) في إنفاقه العسكري. في شرق آسيا، التي لا توجد فيها حروب حالياً: اليابان رفعت من إنفاقها العسكري بنسبة 21%. حلف الناتو كذلك اتَّفق على رفع الإنفاق العسكري. وهكذا مختلف البلدان”.
في ظل هذا الواقع، يتساءل السيد القائد برؤية نقدية: “ونحن الأُمَّة التي أوطانها محتلَّة، وهي أُمَّةٌ مستهدفة، ويستهدفها العدو الإسرائيلي، أسوأ عدو في الدنيا، أحقد عدو في الدنيا، أكثر عدو إجراماً وانفلاتاً من كل القيم والضوابط في الدنيا، بأطماعه الكبيرة، وحقده الكبير، وبالدعم الهائل الذي يتلقاه من أمريكا، من شحنات الأسلحة التي لا تتوقف، بمليارات الدولارات، وبانتقاء أكثر الأسلحة فتكاً، وتدميراً، وإبادةً، يقتل بها الأطفال، يقتل بها النساء؛ في مقابل ذلك يأتي من يقول: [يجب أن تبقى هذه الشعوب، هذه الأُمَّة، هذه البلدان، بدون سلاحٍ يحميها]!”.
ويستنكر السيد عبد الملك الأصوات العربية التي تتماهى مع المطالب الأمريكية والإسرائيلية: “ولهـذا نسمع هذه الأصوات التي تتبنَّى نفس المطلب الأمريكي والإسرائيلي، في المطالبة بنزع سلاح حزب الله في لبنان؛ لسببٍ وحيد، هو: أنَّه العائق الأساس عن الاحتلال للبنان، والكل يعرف أنَّ وضعية الجيش اللبناني ليست في مستوى أن يدافع عن لبنان، وأن يمنع الاحتلال الإسرائيلي للبنان “.
في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتواصل الجرائم بحق المدنيين في غزة وباقي بلدان المنطقة، يطرح السيد عبد الملك الحوثي، ، سؤالاً جوهرياً على العرب والمسلمين: “على ماذا يمكن أن يراهن العرب والمسلمون؟”. في هذا التساؤل تختصر إشكالية الاستراتيجية العربية والإسلامية في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تتحول المنابر الدولية إلى فضاء للاعتراف بالمظلومية فقط، دون أن تترجم الأقوال إلى أفعال تردع الإجرام وتوقف الإبادة.
في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، كما يصف السيد عبد الملك، “ألقيت فيها الكلمات، فيها اعتراف بالحق الفلسطيني، المظلومية الفلسطينية، والهمجية الإسرائيلية، والعدوان الإسرائيلي، والجرائم الإسرائيلية، والإبادة الجماعية، كل الكلمات كانت عبارة عن شكاوى، وليس هناك أمل حتى فيما يتعلَّق بمخرجات هذه الدورة في أن تتضمن مواقف عملية، وإجراءات عملية فعلية تمنع العدوان الإسرائيلي، تمنع الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، تحمي لبنان، أو تحمي سوريا، أو تحمي أيًّا من بلدان هذه الأُمَّة، ليس هناك ما يمكن أن يحقَّق هذه النتيجة المطلوبة”.
يستند السيد القائد هنا إلى رصد واقعي لطبيعة المخرجات الدولية، حيث لا تتجاوز الإدانة اللفظية، ولا تتقدم باتجاه “مواقف عملية”. فكل ما يقدمه المجتمع الدولي هو “توصيفات، هناك إقرار، إقرار بالطغيان الإسرائيلي، بالإجرام الإسرائيلي، بالحق الفلسطيني، بمظلومية هذه الشعوب، وهذه الأُمَّة، هذا مفيدٌ إلى حدٍ ما، لكنه لن يدفع عن الأُمَّة ذلك الخطر، تلك الجرائم، تلك الإبادة، لابدَّ من مواقف عملية”.
ويرتفع منسوب النقد حين يصف السيد القائد حضور نتنياهو إلى الأمم المتحدة: “يذهب المجرم (نتنياهو) إلى الأمم المتَّحدة، ومن العار على الأمم المتَّحدة أنها قَبِلت منذ البدء بإسرائيل عضواً فيها، ومن العار عليها أن تفتح المجال ليذهب المجرم (نتنياهو) ويدخل إلى قاعتها، ويلقي كلمةً فيها، وهو مجرم بالإجماع عالمياً، الإجماع البشري على أنَّ (نتنياهو) مجرم، كل البلدان والدول تُجْمِع على ذلك؛ ما عدا الأمريكي الذي هو شريكٌ في الجرائم الإسرائيلية”. هنا تتبدى الفجوة بين المبادئ المعلنة في المحافل الدولية وبين المواقف العملية الجادة، حيث يستفيد الجلاد من الشرعية الدولية في التباهي بجرائمه.
ويصف السيد عبد الملك المشهد الصادم قائلاً: “في كلمته تلك تباهى بجرائمه، تبجَّح بأبشع وأفظع الجرائم، وبالعدوان على شعوب هذه الأُمَّة، وبلدان هذه الأُمَّة، وتنكَّر للحقائق الواضحة، الجليَّة، الثابتة، وأصبحت معلومةً بالضرورة عالمياً، يشاهدها العالم في مختلف أقطار الدنيا بشكلٍ يومي”.
ورغم وضوح المظلومية الفلسطينية، إلا أن العالم يكتفي بالمشاهدة، بينما يستمر القاتل في تبرير الإجرام. يقول السيد عبد الملك: “مظلومية واضحة تماماً، يعرفها كل الناس، وهو يحاول أن يتنكَّر لتلك الحقائق، أن يمجِّد الإجرام الإسرائيلي الرهيب، الفظيع، المخزي للعالم، وأن يحاول أن يقدِّم موقفه أنَّه هو الموقف الصحيح”.
قررت على ذلك، مطالبة السيد عبد الملك بحد الانتقال من منطقة الإدانة والوصف إلى مواقف المبادرة، قائلًا: “لأن من منطق الإدانة، لا بد- بالدرجة الأولى من المسؤوليات على المسلمين، وكذلك على غيرهم- من اللغات السامية، مع التوصيفات، لا بدَّ من اقتصادة اقتصادية، تخصصة فنية، في الحد الأدنى، في الحد من أن تكون هناك مقاطعة فعالة حتى على المستوى، واقتصادية، وتفرض عزلة تجارية كبيرة على النسائي”.
وشددنا على أهمية “احتضان دعم للجبهات، التي تتصدى للطغيان الرائع، في مقدِّمتها: غزة، والشعب الفلسطيني، والمجاهدين في فلسطين من فئات المقاومة، يجب أن تقدم تلك الجبهة بالدعم من كلِّ الأُمَّة، بالمساندة، السياسي، والدعم المادي… وكل أو المساندة، وكذلك المساندة والدعم لطفل الله في لبنان، باستثناء من التآمر، باستثناء من الطعن في الظهر، فقط من تبنِّ الإملاءات الأمريكية. والإسرائيلية، التي هي العدوانية، وبهدف الاحتلال مهمة الاحتلال للبنان، ولكل لبنان، يجب أن يكون هناك تبنٍ بدعم من أبناء هذه الأُمَّة البديل أطيافها وعبّرها، للخيار الصحيح، والاتِّجاه اليمين، ولجبهة القائمة في التَّصَدِّي للعدوان بنجاح”.
خضم التصعيد، وتوالي العدوات الإسرائيلية لصالح شعوب المنطقة، يأتي وفي الكويت اليمني ليؤكد مجددا أن خيار المقاومة ليس شعارا عابرا، بل التحالف متجذر في وعيه وحريته. وفي كلمته الأخيرة، وصف السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي اليهودي العدواني الذي استهدف الإصلاحية التابعة للمخابرات في اليمن لأنه “جريمة تضاف إلى سجلِّه الإجرامي في الاستهداف لليمن، ضحاياِّه الإجرامي على مستوى المنطقة، وعلى مستوى البلدان الأخرى، هي خطوة فاشلة، هو لأنهٌ في الإجرام، لكنه لن يؤثِّر على شعبنا العزيز”.
هذا العدو لم يكتف سوى بالتحرك في سلسلة الاستهدافات الإسرائيلية التي تطال اليمن و محيطه العربي والإسلامي، إلا أن الرد الشعبي اليمني جاء معبّراً وراسخاً، إذ أهمها الجماهير بالملايين يوم الجمعة، “مؤكدة على ثبات موقفها، ولها في جهادها”، على حد تعبير القائد. هذه الحشود لم تكن مجرد تظاهر، بل رسالة سياسية وأخلاقية حجمها احترام الالتزام الشعبي بخيار المقاومة والتصدي للطغيان.
ويؤكد السيد عبد الملك أن هذا الخيار ليس ردة فعل ظرفية، بل مسار يتواصل ويقدر: “فنحنون في هذا الخيار: خيار الجهاد، التصَدِّي لطغيان هتلر، التاصَدِّي للهجمة يهودية على أُمَّتنا، وعلى منطقتنا، التَّصَدِّي للعبو والمواجهة له وهو يرتكب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني”. ففي الوقت الذي تستمر فيه آلة الحرب الإسرائيلية باستهداف المناطق في غزة وسائر المنطقة، يلتزم اليمن بثباته، ويرفع راية الدعم والمقاومة الفلسطينية، وجبهات جبهات.