موقع “ذا روكس” الأمريكي: الكلفة الحقيقية لعمليات البحر الأحمر تتجاوز المليارات.. وحماية مدمّـرة واحدة تساوي مئات الملايين
أكّـد موقع “وور أون ذا روكس” الأمريكي، في تقرير نُشر أن التكلفة الفعلية للعمليات العسكرية التي تخوضها الولايات المتحدة في البحر الأحمر تفوق بكثير قيمة الذخائر الاعتراضية المُستخدمة، إذ تشمل منظومات واسعة من القدرات والموارد والعمليات اللوجستية المتكاملة، موضحًا أن حساب التكلفة لا يقتصر على ثمن الصاروخ، بل يشمل أَيْـضًا قدرة البنتاغون على تجديد المخزونات العسكرية وإنتاجها بالسرعة الكافية لتلبية متطلبات العمليات الجارية.
وأظهر الكاتب إريك شو، الضابط في القوات الجوية الأمريكية والمحلل في مجال أبحاث العمليات، أن البحريةَ الأمريكية تعتمد منذ أواخر عام 2023 على ذخائر باهظة الثمن لاعتراض الطائرات المسيّرة اليمنية، لافتًا إلى أن التركيز على “عبثية” استخدام صواريخ بملايين الدولارات ضد مسيّرات زهيدة الثمن يُغفل الصورة الأوسع.
وقال: “خلف كُـلّ عملية اعتراض تقفُ منظومة ضخمة ومكلفة، من مجموعة حاملة الطائرات والسفن المرافقة، مُرورًا بسلاسل التموين بالوقود، وُصُـولًا إلى شبكات التدريب والقيادة والسيطرة؛ ما يجعلُ الكلفة الحقيقية لكل اعتراض بمئات الملايين من الدولارات من نفقات التشغيل والاستدامة”.
وأشَارَ شو إلى أن هذا التناقض بين تكلفة الإجراء وقيمة النتيجة يقع في صميم مفهوم “التكلفة لكل أثر” المتداول في وزارة الحرب الأمريكية، موضحًا أن سوء تقدير هذه المعادلة قد يدفع البنتاغون إلى اختيار أنظمة تبدو رخيصة نظريًّا لكنها تتطلَّب بنى تحتية عالية الكلفة، أَو أنظمة منخفضة التشغيل لدرجة تُضعف أثرها الفعلي.
وبحسب التقرير، فإن صواريخ SM-2 وَSM-6، التي تبلغ تكلفة الواحد منها نحو 2. 2 و4. 3 مليون دولار على التوالي، ليست سوى جزء محدود من التكلفة، إذ تشمل الفاتورة الحقيقية السفن التي تُطلق هذه الصواريخ، والطاقم، والوقود، والصيانة، وسلسلة الإمدَاد التي تُتيح تنفيذ كُـلّ عملية إطلاق. ويحذّر التقرير من أن تجاهل هذه العناصر يُقوّض فهم التكلفة الفعلية لتحقيق تأثير تكتيكي بسيط مثل اعتراض طائرة مسيّرة.
ويرى التقرير أن عدم وجود منهج موحد داخل البنتاغون لحساب التكاليف التشغيلية يعقّد عملية تقييم البدائل، مُضيفًا أن معركة البحر الأحمر أثبتت فعالية الدفاع متعدد الطبقات، إذ كانت الصواريخ الاعتراضية خط الدفاع الأول لحماية المدمّـرات الأمريكية، فيما لم تكن الوسائل الأرخص سوى خيار أخير قبل تعرض السفينة للإصابة. ويستشهد التقرير بمدمّـرة من فئة “أرلي بيرك” تُقدّر قيمتها بـ2. 5 مليار دولار، ليؤكّـد أن القادة لن يغامروا بمئات البحارة مقابل الاعتماد على خيار منخفض الكلفة.
ويشدّد التقرير على ضرورة توسيع مفهوم “التكلفة لكل أثر” ليشمل ليس فقط ثمن التكنولوجيا، بل أَيْـضًا التكتيكات والإجراءات البديلة، إضافة إلى القدرة على الإنتاج السريع والضخم للذخائر. ويقول إن الفارق بين صاروخ بملايين الدولارات وطائرة مسيّرة رخيصة لا يعكس سوى جزء من الحقيقة، مُشيرًا إلى أن القدرة على تعويض الذخائر المستهلكة تُعد عاملًا حاسمًا في بيئة النزاع.
ويخلص التقرير إلى أن “استخدام صواريخ بقيمة أربعة ملايين دولار قد يكون أفضل خيار سيئ متاح”، معتبرًا أن المشكلة لا تكمن في قرار القادة استخدام هذه الصواريخ، بل في غياب بدائل أقل كلفة تتمتع بفعالية مماثلة