طبيعة الصراع في السودان

عبدالله عبدالعزيز الحمران

الصراعُ في السودان ليس صدامًا بين جيشَين بقدر ما هو حربُ مشاريع ومحاور: محور السعوديّة يسعى لتطويع السودان ضمن منظومته الأمنية والاقتصادية على البحر الأحمر، تحت لافتة “الاستقرار”؛ لأنه يرى في السودان جدارًا أمام النفوذ الإيراني والتركي، وممرًّا حيويًّا لمشاريع الطاقة والتجارة.. محور الإمارات ينظُرُ إلى السودان كمنجمٍ مفتوحٍ للذهب، وموقعٍ استراتيجيٍّ لموانئه البحرية واستثماراته الممتدة من القرن الإفريقي إلى الساحل الغربي للبحر الأحمر.

لذا يعملُ على تغذية الانقسام الداخلي لخلق بيئة رخوة يمكن السيطرة عليها اقتصاديًّا.

هذا التنافُسُ جعل من الحرب الأهلية السودانية غطاءً لصراع نفوذ خليجي، تُدار فيه المعارك بتمويل خارجي وأجندات لا تعني المواطن السوداني في شيء.

أدوات الصراع

السعوديّة تستخدم خطابَ الدبلوماسية والوساطة، لكنها تمارس الضغط الاقتصادي والسياسي لضمان الولاء.

الإمارات تمارس سياسة “الفوضى المُدارة” عبر دعم فصيل على حساب آخر، لتضمن أن يبقى السودان ضعيفًا، سهلَ الاختراق، غنيًّا بالفرص.

القوى الدولية (كالولايات المتحدة وأُورُوبا) تتدخل من بعيد ببيانات إدانة، لكنها تراقب مصالحها النفطية والبحرية دون تدخُّل حقيقي.

لكن من الضحية؟

الضحية الواضحة هي الشعب السوداني:

المدنيون الذين يُقتلون في بيوتهم ومستشفياتهم كما حدث في الفاشر.

الأطفال والنساء الذين يُهجّرون تحت القصف والجوع.

الوطن نفسه، الذي يُنهب من الداخل بينما يُعاد رسم خريطته من الخارج.

الضحية أَيْـضًا هي السيادة السودانية، التي تآكلت بين أموال الخليج وصمت المجتمع الدولي، حتى صار القرار السوداني يُكتب بأقلامٍ غير سودانية.

فما يحدث في السودان هو نموذج مصغّر لحروب النفوذ الحديثة، حَيثُ يُستخدم الإنسان كوقودٍ لمعادلات المال والسياسة.

السعوديّة تضرِبُ بالمطرقة لتُبقيَ السودانَ في دائرة نفوذها، والإمارات تطرُقُ السندان لتصوغَ من الفوضى مكاسبها، وبينهما يتفتت السودان كحجرٍ تحت حدّين.

إن لم يستعد السودان قرارَه الوطني، فستظل دماؤه الحمراء وقوده الوحيد في صراعٍ يُدار بالذهب والنفط لا بالضمير.

قد يعجبك ايضا