سِرّ قُـوّة رجال يمن الإيمان والحكمة
عبدالله علي هاشم الذارحي
إنّ المتأمّل في التاريخ القديم والحديث والمعاصر يجد أنّه عندما يكون للإنسان هدفٌ وقضية، فَــإنَّ العديد من المعجزات تتحقّق دون أي عناءٍ أَو مشقّة، وهذا فعلًا ما عايشناه وشاهدناه يتجلّى أمام أعيننا في الحرب المصيرية التي فُرضت على اليمن من قِبل تحالف قوى العدوان السعو-صهيو-إمار-أمريكي ومرتزِقته، للعام العاشر على التوالي، ونشاهده الآن في عمليات إسناد اليمن لغزة في معركة طوفان الأقصى للعام الثالث.
فما سِرُّ قوّة يمن الإيمان والحكمة؟
في بداية العدوان صبرنا أربعين يومًا دون ردّ، رغم أنّ القصف استهدف كُـلّ شيءٍ في اليمن، إلّا أنّ هذا الصبر كان لحكمة.
وكان في جبهات البطولة والشرف، في العراء، جنديٌّ حافٍ فوق رأسه عدّة طائراتٍ حربيةٍ مقاتلةٍ وتجسسيةٍ وأباتشي، وأمامه ألف آليةٍ ومدرّعةٍ وعشرات آلاف الجنود والضبّاط من المرتزِقة وشذّاذ الآفاق، المدرَّبين والمزوّدين بأحدث أنواع السلاح، ولهم تحصيناتٌ دفاعيةٌ ومتاريسُ قوية.
ومقابل ذلك كان الفرد من الجيش واللجان، في أكثر من خمسين جبهة، ليس لديه مترسٌ يقيه، ولا جبلٌ من خلفه يحميه من أسلحة العدوّ الفتّاكة.
مقابل ذلك وغيره، كان بطل اليمن -بتوكّله على الله وثقته به- يواجه ويقاتل بسلاحه الشخصي واقفًا، ويهرول مسرعًا يلحق بالمعتدين الفارّين كالفئران من مواجهة الجندي الحافي، الذي جعلهم يتبوّلون داخل مدرّعاتهم فوق أنفسهم، وعُرف ذلك الجيش المدرَّب بجيش «الحفّاضات».
هذا ليس فيلمًا هنديًّا ولا قصصًا خرافية، بل حقائق وثّقتها عدسات الإعلام الحربي بمئات العمليات العسكرية لرجال الرجال من الجيش واللجان، كما في «البنيان المرصوص» في نهم ومأرب والجوف والساحل الغربي، وفي «نصر من الله» وغيرها من العمليات الأُسطورية.
لقد دافعوا عن الأرض وحرّروا الأرض، وحافظوا على الأمن، وكشفوا خلايا العدوّ، وتعدّوا الحدود وأسقطوا عدّة مواقع، بمعنوياتٍ قتاليةٍ لا يوجد لها نظير على الإطلاق في مختلف أصقاع الأرض.
ثباتٌ وإقدامٌ وصمودٌ وتكتيكٌ وقوّةٌ وصلابةٌ وعنفوانٌ وثقة، لا خوف ولا رهبة ولا تراجع ولا ضعف في أوساطهم، مهما كان حجم العدوّ ومهما كانت إمْكَانياته.
لقد تجاوزوا الصعاب وأثبتوا أنّ اليمن مقبرة الغزاة.
فإذا كان العدوّ يملِكُ مدرّعاتٍ من الحديد، فَــإنَّ رجال الله يملكون قلوبًا من الفولاذ.
لقد أحرقوا العديد منها بالولاعة وأهانوا سُمعتها، وغنموا بعضها وساقوها إلى صنعاء، وتمّ العرض بها في ميدان السبعين.
وَإذَا كان العدوّ يملك كتائبَ بشرية بأعداد ضخمة، فَــإنَّ الرجل الواحد من رجال الله لديه طاقةٌ ربّانية، وينطبق عليهم قول الله تعالى:
﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِئة يَغْلِبُوا أَلْفًا﴾ صدق الحقّ.
ولهذا نجد أنّ سِرّ قوّة رجال الجيش واللجان الشعبيّة يكمن في أنّ لهم قضيّةً عادلةً مُحقّة، ولهم قيادةٌ ربّانيةٌ حكيمة، ومنهجٌ قرآنيّ، وولاءٌ لله ولرسوله وللإمام علي ولسيّد القول والفعل، وهُويةٌ إيمانيةٌ وقضيةٌ عادلة.
هؤلاء الرجال الذين هم جبالٌ بشرية لا تتزحزح، لا تنكسر، ومنظوماتٌ جهاديةٌ ربّانيةٌ عسكرية لا تعيقها أية منظوماتٍ عسكريةٍ -لا برية ولا بحرية ولا جوية-، بهؤلاء وأمثالهم امتلك السيّد القائد جيشًا لا يُقهر، وبه انتصر يمن الإيمان والحكمة، وبه رفع ترامب الراية البيضاء، وبه واجه ويواجه الكيان النازي المحتلّ، وبه غيّر اليمن موازين القوى، وصار العدوّ يحسب لليمن ألف حساب.
وأصبح اليمن أشهر من نارٍ على عَلَم، وعَلِم به العالم، ولا شكّ أنّ بطولات وخطط وانتصارات رجال الرجال ستُدرّس في الأكاديميات العسكرية العالمية.
فالحمد لله تعالى والشكر له على ما حقّقه رجال الله من انتصاراتٍ في يمن الواثقين بالله، وفي إسنادهم لغزّة العزّة، والقادم أعظم إن شاء الله تعالى.