لا مرحلة ثانية.. ونتنياهو يعلن استئناف حرب الإبادة..
لا مرحلة ثانية.. ونتنياهو يعلن استئناف حرب الإبادة.. ووزير حربه يضع الجيش في حالة تأهب.. أين ترامب رسول “السلام”؟ وأين الوسطاء العرب ونجوم مؤتمر “السلام” في شرم الشيخ؟
عبد الباري عطوان
يصعب علينا أن نفهم حالة السُّعار التي تسود أوساط الحكومة الإسرائيلية بسبب تأخر تسليم حركة “حماس” بضع جثامين لأسرى إسرائيليين ما زالوا تحت الركام. فلماذا هذا الاستعجال وما يرافقه من تهديدات بوقف المساعدات الإنسانية وعودة حرب الإبادة والتجويع؟ وما الضرر الذي يمكن أن يلحق بـ“الدولة” المارقة جرّاء هذا التأخير؟
نتنياهو استعاد جميع الأسرى الأحياء عبر الأكذوبة الكبرى المسماة “خطة ترامب”، والآن يبحث عن الحجج والأعذار للعودة إلى حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع، وسط صمت فاضح من قِبَل إدارة ترامب، والوسطاء العرب، وحاضنتهم التطبيعية الاستسلامية العربية والإسلامية، التي هرول قادتها وممثلوها إلى مؤتمر “السلام” في شرم الشيخ.
نتنياهو اعترف بكل وقاحة في تصريحاته التي أدلى بها اليوم عندما قال: “إن المعركة لم تنتهِ بالنسبة إلى إسرائيل”، متعهّدًا بعودة رُفاة جميع الرهائن الذين ما زالوا موجودين في القطاع، ومهدِّدًا بأن “كل من يرفع يده علينا سيدفع ثمنًا غاليًا، فإسرائيل تقف على الخط الأول للمواجهة بين الهمجية والحضارة”.
سبحان الله! من يقتل سبعين ألف فلسطيني من أبناء القطاع، نصفهم من الأطفال والرضّع، ويصيب أكثر من ربع مليون آخرين، ويدمّر 95 بالمئة من مباني القطاع ومنازله وأبراجه، يمثّل الحضارة، أمّا الضحايا المحاصرون، المجوّعون، المهجّرون أكثر من مرة داخليًا، فهم يمثلون الهمجية! فهل هناك نازية أكثر من هذا؟
يريدون تحميل حماس مسؤولية تأخر تسليم الجثامين المتبقية التي لا يزيد عددها على أصابع اليد الواحدة، بسبب الدمار الإسرائيلي وعدم وجود المعدات اللازمة لديها للتنقيب واستخراج هذه الجثث، للتهرب من تنفيذ المرحلة الثانية. وسيكون لهم ما أرادوا – للأسف – أي العودة إلى التجويع والمجازر، أو بالأحرى إلى ما كان عليه الوضع في القطاع قبل الاتفاق المسموم والملغَّم.
عندما يهدد ترامب، الذي صفق له المشاركون في قمة السلام في شرم الشيخ وقوفًا وبحرارة غير مسبوقة، وقبل بدء تطبيق وقف إطلاق النار، بأنه إذا لم تسلّم حماس سلاحها، فإنه سيرسل قواته لإجبارها على ذلك بالقوة، ويذهب إلى ما هو أبعد عندما يهدد بإعطاء الضوء الأخضر للقوات الإسرائيلية لاستئناف حرب الإبادة فورًا إذا لم تلتزم حركة “حماس” بتسليم الأسرى في غضون الموعد المحدد (72 ساعة)، رغم علمه التام بالصعوبات التي تحول دون تحقيق ذلك، والمسبّب الحقيقي في صنعها.
لا فائدة من توجيه اللوم والانتقاد للحكومات والقيادات والجنرالات العرب الذين تزدحم صدورهم بالأوسمة والنياشين، وحثّهم على التحرك ووضع حدٍّ لهذا الهوان المعيب. وكان الله في عون المقاومة التي رفعت رأس العقيدة عاليًا، ولم تبخل بالتضحيات بالأرواح والدماء، وستستمر في تقديم المزيد. وحسبنا الله ونعم الوكيل.