خطورة العملاء والجواسيس “المنافقين” على الأمن الوطني
عبدالرحمن الحمران
في زمنٍ تتعدد فيه أدوات العدو، وتتوالى فيه الحروب الظالمة، يبقى العملاء والمنافقون أخطر أسلحته؛ لأنك لا تراهم بين صفوف الأعداء، بل يعيشون بين أوساطنا ويتعاملون معنا كبقية أفراد المجتمع، لكن خدماتهم الخفية للعدو لا تقل فتكًا عن الصواريخ والمدافع، بوصفهم أخطر أدوات الاختراق والتخريب الداخلي، وأشدها ضررًا على كيان الأمة وأمنها واستقرارها.
الجاسوس لا يحمل سلاحًا ظاهرًا، لكنه أخطر من الجيوش النظامية؛ لأنه يخترق الصفوف من الداخل، ينشر الإشاعات، ويخلخل الصفوف، ويزرع الشكوك، ويرفع الإحداثيات، ويمهّد لسيطرة العدو وتحقيق أهدافه عبر تضليل القرارات الوطنية وتسريب الأسرار العسكرية والسياسية والاقتصادية, وهنا تكمن الكارثة: أن يتحول الإنسان إلى أداة بيد أعداء وطنه، يبيع ضميره مقابل حفنة من المال ووعدٍ زائفٍ بالحماية.
وفي خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي عصر اليوم، كشف عن دور خلية العملاء المنافقين في عملية استهداف تجمع الحكومة اليمنية التي أودت بحياة عدد من القادة الشهداء، قائلاً: “في جريمة استهداف الحكومة كان هناك دور لخلية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، على رأسها مسؤول الأمن والسلامة لفرع البرنامج في اليمن”.
وأوضح أن “الأمريكي والإسرائيلي رأوا في المنظمات الإنسانية غطاءً مهمًا يحمي تلك الخلايا من الاعتقال ويسهّل لها التحرك بالإمكانات والوسائل التي يزودونها بها، وقد زوّدوا خلايا المنظمات بأجهزة وإمكانات تجسسية تُستخدم عادة لدى أجهزة الاستخبارات العالمية، ولدينا الأدلة على كل ذلك”.
وأكد أن “ما يجري من تهويل ولوم وضغط إعلامي وسياسي إنما يهدف فقط إلى تأمين الحماية لتلك الخلايا لتواصل نشاطها الإجرامي ضد هذا الشعب”.
لقد أدركت القوى المعادية أن تدمير الأمم لا يبدأ من الخارج فحسب، بل من داخلها أيضًا, فكل خيانة مهما صغرت تفتح ثغرة للعدو، وكل منافق هو قنبلة موقوتة تهدد أبناء المجتمع وأمنه واستقراره خدمة لليهود.
يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي: “اليهودي الذي يمتلك تاريخاً من الخبرة قوامه أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ويعرف هذا الدين أكثر مما يعرفه المنافق العربي.
لو تلاحظوا حتى فعلاً منافقي العرب في زماننا ألم يتحولوا إلى خدام لليهود؟ وعن بُعْد يشغلوهم [بالريموت]، عن بُعد”.
ولأن خطر العملاء “المنافقين” بهذا الحجم جعلهم الله في أسفل دركات جهنم, وتسميتهم بـ”المنافقين” هي التسمية القرآنية يقول الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنّ العِزَّة لِلّهِ جَمِيعاً (139)}.
إن مكافحة المنافقين ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تبدأ من وعي المواطن بخطورة تسريب المعلومات لأعداء الوطن، وتمرّ عبر التربية الإيمانية، وتنتهي عند وعي المجتمع تجاه محاولات الاختراق والتجنيد التي تأتي اليوم بأشكال ناعمة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بوابات المساعدات الإنسانية “المنظمات”، أو تحت غطاء العمل الإعلامي والحقوقي.
ولنكن على يقين أنه لا يمكن لأي دولة أن تبني أمنًا مستقرًا ما لم تحصّن جبهتها الداخلية من المنافقين والعملاء والجواسيس, فالشعب الذي يغفل عن مكائد أعدائه يدفع ثمن غفلته دمًا ودمارًا.
إن الوعي هو خط الدفاع الأول، والوفاء للوطن هو السلاح الأقوى في وجه الخيانة, فكل من يحمي سرّ وطنه ويصون ضميره، ويسهم في كشف الجواسيس هو المجاهد المؤمن الصادق في معركة الدفاع والحرية والسيادة.